يوم واحد في الجنة...

اقريني امينوه

عن التجهم الذي سكن وجوهنا منذ سنوات؛ عن الحزن الذي نوزعه بعدل "عمري" كل صباح على فئاتنا الهشة؛ المنتشرين، حراسا لبؤسنا كامل الدسم.
قبل سنوات تحول خبر حصول شاب من الطبقة الفقيرة؛ على عمل قار؛ الى بشرى تستحق التهنئة؛ استشرى التمكين لتوطين ثقافة الخنوع والحرمان؛ وعُمل على التأصيل للغبن كنتيجة حتمية لواقع بلادنا السعيدة؛ فأصبح من الطبيعي جدا أن يشيب جارك الفقير وهو ينتظر بصبر أيوبي؛ نتيجة مسابقة شارك فيها أيام المرحلة الانتقالية الأولى؛ دون أن يفقد الأمل في النتائج التكميلية .
قبل سنوات  صار من العادي جدا أن يقفز شاب ما، من الطبقة المتوسطة ( تتآكل بشكل مخيف )الى قائمة الناجين من دوائر الفقر؛ بفعل علاقة عصب تُنسيه سنوات المعاناة المريرة؛ فيتحول بقدرة قادرة الى شاب بارد مبتسم ويمتلك مؤسسة أشغال عامة وعضو فى نادي  رباعيات الدفع ويتحدث عن "الريفيرا" في فصل الربيع بعدم اهتمام وكأنه يحدثك عن حياة مألوفة لديك في الوقت الذي لا يستطيع أن يحلم من هو في سنه أن يمتلك ثمن تذكرة نواكشوط – النعمة على باص "سونف".!!!
قبل سنوات ازدهرت الشللية بشكل مبالغ فيه؛ وفُتحت حسابات بنكية  كثيرة لفقراء سابقين كانوا يعانون  من أجل  تأمين ثمن سجائرهم الرخيصة؛ لكنهم كانوا محظوظين لوجود أخويات تؤمن لهم فرص النجاة بجلودهم من قبضة الفقر اللعين.
الخيط الناظم لفقرنا هو الفساد الفج؛ فلو أن فسادنا شابه بعض العدل؛ لكنا اليوم شعب واحد مدلل  وسعيد ...قليل من الحياء يصنع الفرق!. واقترح فى هذا الصدد على سلطاتنا السعيدة أن تستحدث فيزا خاصة لدخول مناطق المترفين المتناثرين فى أحياء " الأغلبية" المريحة ، ( كل حي يخرج من عدم صحراء تفرغ زينه يُذكر الفقراء بموجة فساد نتج عنها سكان جدد أكثر بهاءً وإشراقا) ، ستفتح السلطات  مراكز لهذا الغرض  فى ولاية نواكشوط الشمالية والجنوبية؛ ونطالب بتساوي الفرص أمام جيوش الفقراء؛ للسماح لهم بدخول جنة تفرغ زينه أيام الأحاد؛ لكي ينعموا بيوم واحد فى رحاب جنة الدنيا.
سيلتقطون  صور "السيلفي" من كاميراتهم الصينية ويعودون لقبورهم الجماعية  في" لمغيطي" و"نتك "و أحياء الترحيل المتاخمة  للبؤس الذي يطوقنا، سيقضون يوم واحد دون أن يتذكروا آلامهم ؛ وبذلك تكون الحكومة قد نفذت بعضا من توجهاتها فى مجال الوحدة الوطنية، وسيتراجع منسوب الحقد الطبقي نقطتين على مقياس الغبن اليومي

خميس, 20/02/2020 - 23:51