عوامل كانت ولا تزال تمثل رافعة للاقتصاد الموريتاني خلال الأزمة الحالية

 أمم ول انفع

بعد الحديث عن العوامل الخارجية والداخلية التي كانت وراء ثبات مستويات الأسعار محليا عند نطاق 3،5 بالمائة كما تتوقع الحكومة الموريتانية خلال السنة الحالية على الرغم من أزمة فايروس كورونا المستجد ، كتراجع أسعار النفط ، ارتفاع المحاصيل الزراعية  لهذ العام ،ارتفاع الدولار في الأسواق الدولية ، تدخل المركزي الموريتاني في سعر صرف الأوقية ، تخفيضات وزارة المالية لبعض الضرائب و الرسوم الجمركية ، بالإضافة إلى الرقابة الميدانية لوزارة التجارة ، سنتطرق اليوم إلى عوامل أخرى كانت هي الأخرى بمثابة الرافعة للاقتصاد الموريتاني حيث تركت للحكومة الموريتانية هامش كبير للمناورة أو التدخل سواء تعلق الأمر بالسياسات النقدية التي تعتبر من تخصص البنك المركزي أو بالسياسات المالية التي تصنف هي الأخرى من ضمن مهام وزراة المالية.

الجزء الأول السياسة النقدية :

- الاحتياطي النقدي الذي وصل أيام تسليم السلطة للنظام الجديد إلى مايقارب 1 مليار و 48 مليون دولاروهو مستوى مريح و يكفي لتغطية واردات البلد والدفاع عن العملة المحلية (الأوقية) متى كان ذالك ضروريا حسب وصف المحافظ السابق الذي يشغل منصب وزير الاقتصاد حاليا.

وبالفعل كان الاحتياطي النقدي عند الموعد حيث أتاح للمركزي الموريتاني الدفاع عن الأوقية أمام العملات الصعبة خاصة الدولار الذي يسيطر على 80 بالمائة من معاملات موريتانيا مع العام الخارجي و الذي دخل أيضا في مسار مرتفع مع بداية الجائحة نظرا لكونه ملاذا آمنا للمستثمرين في أوقات الركود وعدم اليقين  وهو ما سمح للبنك المركزي بضبط الأسعار محليا في ظل اكنشاف (ارتباط) الاقتصاد الموريتاني على الأسواق الدولية و المخاوف من انقطاع سلاسل التوريد خلال الأزمة الحالية بلإضافة إلى التزامه (المركزي الموريتاني) بتوفير حاجيات الموردين من العملة الصعبة لاتمام عمليات الاستيراد خاصة تلك المتعلقة منها بالسلع الأساسية ، في الوقت الذي كانت هنالك بنوك مركزية حول العالم لاتمتلك من الدولار الكافي لتغطية حاجيتها من الأسواق الدولية.

- الفائدة الأسياسية التي تعتبر أداة أساسية لزيادة أو خفض مستوى السيولة  التي تعتبر أكسجين الاقتصاد  وهي نسبة الربح أو الهامش الذي يأخذ البنك المركزي على البنوك الوسيطة عند إقراضها حيث كانت هي الأخرى وقبل بداية الأزمة عند نطاق 6,5 بالمائة قبل أن يخفضها المركزي في إطار  خطواته المعلنة مؤخرا لتحفيز الاقتصاد لتصل مستوى 5 بالمائة من أجل زيادة وتيرة الاقتراض و تخفيض تكاليفه وضخ المزيد من السيولة في مفاصل الاقتصاد ( الأفراد ، الأسر و الشركات)  ، وهي خطوة مهمة حيث تأتي في الوقت الذي كانت هنالك بنوك مركزية أخرى حول العالم لا تجد ماتخفضه بعد وصول مستوى الفائدة لديها قبل الأزمة لصفر بينما كانت ولا تزال لدى المركز الموريتاني المزيد من مجالات الخفض نظرا لاستقرار الفائدة الأساسية حاليا عند 5 بالمائة بعد الخفض الأخير.

- الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك وهو أداة أخرى للسياسة النقدية  إلى جانب الفائدة الأساسية السابقة الذكر  وهو النسبة  التي يسمح البنك المركزي للبنوك الوسيطة بالاحتفاظ بها من ودائع العملاء (افراد ، أسر ،شركات) من أجل استثمارها في الاقتصاد الحقيقي كالزراعة ، الصيد ، العقار ........أو إقراضها لجهات أخرى معينة.

فعدنما يريد البنك المركزي مثلا الحد من هامش تصرف البنوك الوسيطة بودائع عملائها يقوم برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي لديها والعكس صحيح في حال ما أراد زيادة مستويات السيولة لدى تلك البنوك.

 وفي هذ الإطار خفض البنك المركزي الموريتاني نسبة الاحتياطي الإلزامي من 7 بالمائة الى 5 بالمائمة وهو ما أدى إلى احتفاظ البنوك الوسيطة بسيولة يقدرها مصدر من داخل المركزي الموريتاني ب 11 مليار أوقية قديمة كان من المفترض أن يتم نقلها من تلك البنوك الوسيطة باتجاه المركزي الموريتاني  ، و من المنتظر أن تدعم هذه الخطوة المراكز المالية لتلك البنوك الوسيطة حتى تستطيع تحمل بعض الإجراءات التي كان من المفترض اعتمادها بالتوازي مع خطوات المركزي التحفيزية  : كتأجييل أقساط ديون العملا من أفراد ، عائلات و شركات مثلا خاصة الشركات الصغيرة و المتوسطة التي تعتبر الأكثر هشاشة و تضررا خلال الأزمة الحالية.

بقي فقط التذكير أن البنك المركزي الموريتاني  لايزال لديه مجال كبير للتحرك من خلال خفض إضافي للفائدة الأساسية أو الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك دون اللجوء لطبع النقود كما يتحدث البعض و ما قد يترتب عنه من تداعيات خاصة فيما يتعلق باستقرار مستويات الأسعار ،  أو الاعتماد بشكل كلي على الاقتراض من  أجل المزيد من سياسات الدعم و التحفيز في حال ما تطورت الأزمة  لاقدر الله  ، لكن استمرارية دفاع المركزي عن الأوقية يبقى رهين بتطور مسار سعر الدولار في الأسواق الدولية و بحجم تلك الاحتياطيات التي يمتلك المركزي على الرغم من أن سياسة الدفاع عن العملة المحلية قد لاتكون مستدامة خلال أوقات  الكوارث ، الحروب و الأزمات كماهو الحال اليوم.

خميس, 23/07/2020 - 10:18