رسالة إلى القضاة :

محفوظ ولد إبراهيم فال

معشر القضاة الكرام لقد نزلت بكم الأمانة وحلت بكم المسؤولية فلتُروا الله من أنفسكم خيرا ولتصدقوا في مراقبته ونشدان السلامة يوم القدوم عليه 

لتتذكروا أن العدل اسم من أسماء الله يحب المتصفين به ويمقت المستنكفين عنه فما أجدره بأن يسعى إليه ، وأن يكون أكبر همكم ومبلغ علمكم ، 

تذكروا أن حكم الدنيا محكوم عليه في الآخرة لا تحابوا سلطة ولا شعبا ولا متهما لا تبالوا بقوة قوي ولا ضعف ضعيف 
لاتستهوكم رغبة ولا تستهولكم رهبة

تذكروا حين يتعلق الحكم بالمخالف قول الله تعالى :
{ يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون }

وتذكروا حين يتعلق الحكم بالموافق قول الله تعالى:
{ يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا }

قفوا كثيرا معشر القضاء الكرام مع هذين النداءين العظيمين وعاملوا النداء والمنادِي بمايليق وتأملوا ماتكرر فيهما وما تفرد به كل واحد منهما فمما تكرر :

_ " كونوا قوامين " وتأملوا صغة المبالغة فلا يكفي أن تقوم مرة بالعدل وتقعد عنه مرة وفي الأمر بالكينونة على تلك الصفة من المبالغة ما يشد العزم على دوام الحزم والشفقة من التأرجح والاضطراب 

_ ( لله )  تكرر هذا الاسم العظيم فليكن عدلكم لله لا خوفا من قدح ولا رجاء لمدح بل رغبة في محبة الله تعالى للمقسطين وعملا لكريم جزائه يوم لقائه وفي الحديث:
( المقسطون على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمان وكلتا يديه يمين )

_ اختتم النداءان الكريمان بالتذكير بمراقبة الرقيب جل وعلا وشهود الشهيد سبحانه وتعالى ، فليكن رضاه أعظم مطلوب عندكم ولتتذكروا أنه سيخبركم غدا بما شهد به عليكم اليوم
{ فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين } { وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون }

وظاهرٌ ما انفرد به كل نداء مما يناسب السياق

جعلنا الله وإياكم من المقسطين ابتغاء مرضاة رب العالمين

أربعاء, 05/08/2020 - 23:01