لنقف من الركوع "الأول" أولا..!!!

أحمد ولد الحافظ

سعيا لإثراء النقاش حول واقع البلد، وطمأنة لصديقنا الأستاذ سامي كليب، واحتراما لعميدنا محمد ولد اشدّو سأحاول إثارة بعض الملاحظات حول "المحاور الخمسة" التي يرى فيها العميد "اشدو"  -من خلال مقاله الموسوم ب"حتى لا نركع مرة أخرى"- تفاديا للركوع من جديد.

أولا: أزمة المرجعية: رغم أن المصطلح "مصطلح يميني" كان ينبغي أن يظل بعيدا عن قاموس "الرفاق" فإن النقاش السياسي المحلي فرضه كمصطلح متداول؛ مما يبرر -أو يفسر- إيراد عميدنا له؛ وإلا فأي معنى لامتلاك "الأحزاب المدنية" لمرجعيات..!

لكن ما علينا... ندرك جميعا أن الرئيس السابق استنفد كل الوسائل من أجل "مأموية ثالثة" ولم تكن "قضية الحزب" إلا امتدادا لتلك الوسائل؛ أو لعلها كانت أكثرها جدية؛ خصوصا أن ولد عبد العزيز كانت قناعته -في الأصل- ممارسة السلطة من وراء حجاب (فعلها مع أعل ولد محمد فال رحمه الله، ومع سيدي ولد الشيخ عبد الله حفظه الله) وهو مسلك شائع لدى أولئك الذين لا يملكون مشاريع؛ وإنما يبحثون عن مال أو سلطة..!

في آخر أيام الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة صرح ولد عبد العزيز أنه سيتابع تسيير البلد من داخل القصر ومن خارجه؛ وهو تصريح يعزز طموحه في أن يظل موجه البلد؛ الذي لم يكن يراه غير منتجع له... من هنا؛ فإنما أسميتموه "أزمة المرجعية" لم يكن غير محاولة جادة لانقلاب على الشرعية؛ من رجل طالما تبجح بالانقلابات؛ حتى وإن كان انقلابه هذه المرة لم يكن عبر الحرس الرئاسي.. ما كان يتهدد أمننا بالفعل -بل ووجودنا- هو إدارتنا من قبل "رأسين" وهو ما سعى إليه "عزيز" يوم عودته للحزب..!

تساءل بعض الساسة -بعيدا عن حرفية المصطلح- عن هرم النظام الذي يدعمه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية؛ والذي أخذ من خلاله صفة "الحزب الحاكم" فهل كنتم -يا سيادة العميد- تريدون منهم أن يجيبوا أن "الهرم" هو محمد ولد عبد العزيز؟!

ثانيا: رفض المساومة على أي من الخيارات الوطنية؛ أعتقد أنه كان الأولى بعميدنا توجيه هذه النصيحة للرئيس السابق؛ فهو الذي ضرب الخيارات الوطنية في المقاتل؛ ففي أيامه انهدّ النسيج الوطني، وأصبحت الشرائحية هي لغة اليوم والشارع والمكتب.. وهو الذي هدم "غرفة تشريعية" على أعضائها، وهو الذي أنفق ستة مليارات لتعديل دستوري أحادي؛ غير فيه الرموز الوطنية.. وهو الذي "يقال عنه" إنه باع جزءا من التراب الوطني لدولة أجنبية..!

ثالثا: احترام الدستور؛ من الذي تبجح بانقلابين.. ومن الذي حاول ضرب تقاليد الجيش الصلبة -من خلال استخدام الولاء له معيارا- في التقدمات وفي المواقع وفي السلطة.. من الذي حرم عليه الدستور أي ممارسة للتربح والتمول؛ ثم جلس ملأ إرادته، وعبر وسائل الإعلام، ليقول إنه ثري؛ وثري جدا...؟؟!!

رابعا: حماية الاقتصاد الوطني؛ لا يمكن أن أصف عميدنا بأنه يضرب صديقه (الرئيس السابق) من تحت الحزام؛ إلا أن لفت الأنظار إلى هذه الأشياء؛ التي مثلت نقاط ضعف الرئيس السابق؛ لا يمكن أن تفوت على مثل العميد.. من الذي أفلس المؤسسات العمومية (سونيمكس، أنير، attm..) من الذي سجن رجال الأعمال وهجّرهم... من الذي باع الثروة الوطنية، والاستثمارات العمومية؛ بل أعطاها بالمجان (گلب الغين، رصيف الحاويات بالميناء).. من الذي تحول أبناؤه (الأطفال) إلى رجال أعمال ومليونيرات بين عشية وضحاها.. وهل تم ذلك من خلال المحافظة على الاقتصاد الوطني...؟؟!!

خامسا: المحافظة على المكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛

أي مكتسبات -عميدنا- تقصدون.. هل تقصدون الاحتقان السياسي، الذي كنا نعيشه، وانعدام الثقة بين الفرقاء، ووصف أحمد ولد داداه ومحمد ولد مولود، وجميل منصور.. بالقطط، وبالكذبة.. أم تقصدون شفا الحرب الأهلية (العرقية) التي كنا عليها؛ حيث كان الخطاب الشرائحي العنصري التأزيمي هو السائد... أم تقصدون الخزينة الفارغة -إلا من دولارات مزورة- التي تركها الرئيس السابق، والديون المتراكمة، والفقر المنتشر، والبطالة الصارخة.. أم تقصدون العزلة الدولية والإقليمية التي وضعنا فيها الرئيس السابق.. أعتقد أنكم تقصدون ذلك كله...!

حبيبنا سامي كليب: نحن ممتنون كثيرا لمشاعرك الصادقة، وفخورون بهذا الود الجميل.. لذلك نبشرك أن موريتانيا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحاول الوقوف من "الركعة الأولى" وستقف منها بحول الله، ونبشر "العميد" أننا لن نركع مرة أخرى.. لقد بدأ ترميم العلاقة بالدولة، وإعادة الثقة.. أصبحت الدولة تسع الجميع (مولاة ومعارضة) وأصبحت المساءلة القانونية تطال الجميع (رؤساء وزراء مدراء..) وأصبحت الدولة تتدخل لصالح مواطنيها؛ بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو العرقي أو الشرائحي.. ليس ثمة -يا صديقنا- ما يدعو للقلق؛ فلتٓطمئن.. ولتُطمئن..

....................

نشر الدكتور سامي كليب مقال الأستاذ محمد ولد أشدو في موقعه (خمسة نجوم) كما علق عليه في صفحته الرسمية على الفيس بوك.. وكان الرد على المقال انطلاقا من ذلك، وقد بعثته إلى سامي كليب، لكن لا أدري إن كان سينشره أم لا ؟

اثنين, 21/09/2020 - 13:16