قصتى مع أول( لقاح)

حبيب الله أحمد

فى أحد اعوام 83او 84 او85 لا أتذكر ذلك تماما كنا فى ( كبة مندز) عطر الله ذكرها وسقى بالهتون تاربخها الناضر 
انتشر(بحيمرون/ الحصبه / الروجيول) انتشار النار فى هشيم عشرات الاكواخ والاخبية القماشية الملتصقة ببعضها كانما تحتمى بتشابكها من برد شاطئ بحر كان رجال الحي يصنعون الشاي على أضواء مينائه الوحيد آنذاك اوالثانى قيد الانشاء يومها 
كان رئيس الحي رحمه الله رجلا شجاعا كريما مقداما اسمه( عمر القائد ديه) رقيبي جمع كل خصال الرجولة حارب فى صفوف الجيش الموريتاني إلى ان تقاعد 
وكان يقول رحمه الله معلقا على من يدعونه من حين لآخر للالتحاق بإخوته فى المخيمات ااصحراوية ( حد لاهى يمشى بي عن موريتان ايخصو يمشى ابنخل ودان وآدرار وتكانت)
كان شديد الايمان بالله صادق العهد والوعد عطوفا برا باهله وجيرانه 
صحيح إنه كان فقيرا ولكن غنى نفسه كان يغطى على فاقته 
ضرب الوباء الحي فى كل كوخ اوخباء مريض لايكاد يشفى حتى يسقط ممارضه 
كنا مجموعة دردق نعيش طفولتنا بكل براءة ولم تكن التغطية الصحية قددخلت قاموس البلاد يومها 
دب الفزع بين الناس وتم الحجر منزليا على الكثير من اقراننا تجنيا للعدوى
لاحظ عمر أن الخوف تسلل إلى بعض اولياء أمورنا وبدات اجراءات منعنا من ممارسة حياتنا التافهة فى ازقة نتقاسمها مع الشمس والفقر والغبار والحيوانات السائبة 
جمعنا رحمه الله وقال بصوته الجهوري القوي الواثق 
( يا اولادى بحيمرون مايكتل الأعمار عند الله لااتخافو ذكامل فاللوح المحفوظ كلكم يعكب إيموت بالطريقة المكتوبالو مانافع فيها شى امشو العبو لاتدخلو اعل المرضى لاتكربو منهم ولكن لعبو فابلد ابعيد عنهم 
اوطاو اف( لمرابطه ) اتعدللكم التطعيم والتلقيح وامشو اعل طولكم اوعرظكم)
( لمرابطه) يعنى بها المرحوم جدتى لامى أم الخيرى( امي) رحمها الله كان يقدرها كثيرا ويعاملها كوالدته 
وكانت رحمها الله تدرسنا جميعا القرءان فى ( اللوح) وبطريقة ترغيبية لا أثر للترهيب فيها 
تحلقنا من حولها وبدأنا اخذ( اللقاح) واحدا تلو الاخر 
تنادى على أحدنا ولديها وعاء به تمرجيد لذيذ فتقول له قل ( معيقيب ابن ابى فاطمة) وتناوله تمرة ليزدرد بها اسمه 
ثم تضع يدها على راسه ووجهه وتتلو آيات من القرءان الكريم وتنفثها بلطف عليه 
وهكذا حتى اكملنا اخذ( اللقاح) بتمر لم نذق أحلى منه فى حياتنا 
بعد انتهاء( التلقيح) ذهبنا إلى ساحات اللعب دون خوف أو وجل 
يومها كنا جيلا شديد الثقة بالكبار بارا بهم واثقا بكل أقوالهم وافعالهم 
الغريب أن أبا منا لم يصب بالوباء 
كنا فى حدود 15من الصبية لم ( يزكر) أحد منا من ( بحيمرون) حتى الآن 
والحمدلله اليوم اصبحنا رجالا منا المدون والطبيب والمهندس والمعلم والاستاذ والتاجر 
كان ذلك أول لفاح تلقيناه فى حياتنا 
بعدها لقحتنا الحكومة فى المدارس ولكن بدون تمر لذيذ 
اللهم اغفر لوالدنا عمر وارحمه وتجاوز عنه 
اللهم اغفر لوالدتى ام الخيرى( أمي) وارحمها وتجاوز عنها 
سقى الله ذلك الزمن الجميل النظيف الوادع الأمين الآمن

خميس, 24/12/2020 - 15:34