للإصلاح كلمة تقول : 50 سنة من إهانة الناطقين بلغة البيظان : اتحدوا قبل فوان الأوان

محمدّو بن البار

كلمة الإصلاح لإدراكها جيدا أن أحسن حالة يكون فيها المسلم هي ما قاله رب العزة في سورة قريش وهو الإطعام من الجوع والأمن من الخوف ، ومع ذلك أنزل المولي عز وجل قوله تعالي مخاطبا الإنسانية كلها : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا )) الآية.

وبما أن تحديد كلمة القبائل معروفة فإن كلمة الشعوب أٌقرب معنى يتبادر إليها هي الكلام بلغة واحدة لشعب و احد ، فلا يخاطب أحد من الشعب الآخر بهذه اللغة إلا وفهم الآخر ما يريد ، وإن أحسن مظاهر العيش في المجتمع السليم والوحدة هي التفاهم في اللغة.

وبناء علي حقيقة هذه المقدمة فإنها تشير إلي حياة المسلم بل تشير إلي أحسن جوهرة في عمله ، وهي اعتقاده وعمله بمقتضي الواقع ، وهو أنه خلقه الله وأوجده في هذه الدنيا بغير إذنه ، لمدة 60 سنة فقط صافية بمعنى أنه إذا لم يمرض أو يجوع أو يحزن على ما يكون فيه العيش نظيفا في حياته ( وهذه الصورة مثل عنقاء المغرب تذكر ولا توجد ) فإذا عرجنا علي حياة كل فرد ونزعنا من حياته الطيبة فعل الأمراض والأكدار فيه ومضايق الدنيا فإن 60 سنة الصافية ستعود إلي أقل من 30 سنة سليمة لصاحبها ، ومع ذلك يقول تعالي : (( ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ( لم يبلغ 60 سنة ) ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون )) ، وهذا العقل الذي نبه الله عليه قبل انتهاء الأجل هو الذي أنتهز أنا وجوده في التنزيل من لدن حكيم عليم ، وأذكر به الآن هذه الشعوب المذكورة والتي تتكلم كلها لغة واحدة إذا أردنا تسميتها ( الحسانية ) أو كلام البيظان أو العربية المفهومة عند من يتكلم العربية الفصحى بدون تكلف ، شعوب هذه الفئة مسلمون كلهم ومتجاورون ولله الحمد ، وقد ذكرت حالة الفرد منهم وقدر وجوده في هذه الدنيا وما يصيبه فيها إلي آخر ما ذكر أعلاه : والآن سأذكره بما يصيبه بعد انتهاء ذلك الأجل سواء مات حتف أنفه أو قاتلا أو مقتولا.

وعلي كل سوف يسلم الملائكة روحه فور نزعها في كل حالة إلي مولاه الذي أرسلهم أًصلا بها في شهره الرابع وهو يتكون في بطن أمه بإدخاله في ذلك الجسم ساعة تكوينه يقول تعالي : (( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلي ربكم ترجعون )).

وهنا وبعد رجوع هذا الإنسان المفروض أنه مسلم وأنه مات علي هذا الإسلام وتحت الاسم الجامع لنا كلنا وهو الشناقطة ، فإنه لا محالة راجع إلي مكانين لا ثالث لهما ، ولعلمي أن الشناقطة ولله الحمد مسلمون جميعا وأن أحسن وأكمل بدون أي تدخل ولا تأثر هي الخريطة التي يسكنون فيها الآن وهي خريطة جغرافية التي ذكرها وكتبها صاحب الوسيط عندما كان في مصر ، ومعلوم أن تلك الخريطة تشمل الشعوب الآتية :

موريتانيا المستقلة الآن ، وسكان الصحراء من اكليميم شمالا إلي موريتانيا جنوبا ، ويدخل في ذلك طبعا شخصيات مخيم الصحراء في تيندوف ، وأيضا سكان ناحية أزواد من غاوا شرقا مرورا بتمبكتو إلي فصالة الموريتانية ، هذه الخريطة سوف نعود بها قليلا إلي أول المقال الذي تكلمنا عن جميع احتمال حياة الإنسان فيه من سعادة أو بؤس ، ولكنها أي الحياة محدودة جدا كما تقدم ، ولكننا نعود الان بهذا التذكير إلي هذا الذي أصبحنا نسميه الشناقطة لنذكره بخصوصياته لنقول له :

أولا : كما يعرف وإن كان لا يتذكر أن الله ليس له عنده بعد موته إلا إحدى نزلين دائمين إلي ما لا نهاية – وحذاري أن تقف في فكرك  أثناء قولك ما لانهاية لأنه لا نهاية – هذان المنزلان ذكرهما القرآن عدة مرات متلازمين تارة ، وتارة يذكر أحدهما وأكتفي هنا بالمتلازمين يقول تعالي : (( فأما من طغي  وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى ( أي المأوي الدائم ) وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)) ( أي المأوي الدائم ).

وكما يعرف المؤمنون جميعا ولاسيما الشناقطة أن هذه هي الحقيقة أولا لقول الله تعالي لها ، وثانيا للمشاهدة في قضية حياتنا ، أي مشاهدتنا في نمونا كما قال الله تعالي : (( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة )) إلي آخر الآية.

كلما تقدم من التفصيل في حياة الإنسان كما هو مقصود أن علي الإنسان الشنقيطي كائنا من كان أن لا يتنطع ويفكر ويقدر فهو ميت بعد كل ذلك ، وأن عليه أن يتميز في تفكيره عن الإنسان الملحد وربما من لا خلاق له في التفكير الأخروي ، فنحن نري كثيرا من الشناقطة رئيسا أو زيرا إلي آخره سواء  في رجال الصحراء تحت إدارة المغرب ، أو يسكنون في مخيم تيندوف أو يسكنون في أزواد ، الكل مات منه كثير رؤساء وزعماء وقادة حرب إلي آخره ، ولا توجد الآن فكرة عن مصيرهم ، والمعروف أن السيادة فوق الأرض الآن ليست في هدفهم فمن اصطفاه الله منهم فهو يقول : (( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إنه لغفور شكور )) وأما من أهلكه الله منهم فهو الآن ناكس رأسه أمام ربه يقول : (( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا )) إلي آخر الآية.

ومن هنا أقول للجميع ما هو جانب العقل الذي علي الشنقيطي أن يستعمله في هذه الحياة : هل هو عقل الرشد الذي أعطاه الله للجن عند سماعهم للقرآن : (( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلي الرشد فآمنا به )) أو يستعمل عقله الذي وصفه الله به بعضا من الجن والإنس كما قال تعالي : (( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها )) ، وأظن أنه الآن حان توضيح ما هو الرأي السديد – في ظني – في الموضوع :

وقبل شرح الرأي فلا بد أن أعلق علي حياتنا نحن جميعا الشناقطة المتفرقين منذو 50 سنة ، فمن المعلوم أن المستقل منا رسميا هو موريتانيا لها علم ونشيد وحدود ، وإن كان علمها ونشيدها أًصابهما ما أًصاب الجميع من الرأي الفردي ، وكذلك فإن الحدود الشمالية رهينة أو لقطة لا يعرف مصيرها المستقبلي بعد غد ، فنحن الموريتانيين المستقلون لم يخلق الله فينا فكرا لرئيس يقدمنا عن يوم ذهاب الحكومة المدنية ، فما خلفها من قيادة فهي تراوح مكانها مع كثرة ما أعطانا الله من الخيرات ، إلا أن كل قيادة جاءت بقيت تراوح مكانها ، تستجدي الكل ليرضي عن فعلها المراوح مكانه ، فإذا لم يخلع من منصبه فسنواته الرسمية قليلة لا تصلح إلا لدولة لا يغير رؤساؤها نموها ولا اقتصادها ، أما  نحن فلا نعرف الحركة إلا داخل الإرضاء لهذا أو ذاك إذا كنا طيبين أًصلا وكفي.

بمعني أن صفة رئيسنا هي تقشير الأرز لا زرعه ولا حصاده بعد تقشيره ، فلا نملك الشجاعة لنظافته وتقسيمه تقسيما عادلا أي سلطتنا محدودة الصلاحيات نحو سلوك الطريق المستقيم وهذا مثال فقط : فرئيسنا يذهب كما قيل عن الغلام عند بلوغه يذهب حيث شاء وحيث لم يشأ.

فموريتانيا ما زالت بكرا في الخيرات في الزراعة وفي ضبط معادنها وسمكها إلي آخره ، وقطعا لا يرجى الانتفاع من ذلك ما دمنا في نمط هذه الديمقراطية الفوضوية بمعني لا أمل.

وعندما نذهب إلي الصحراء التي يديرها المغرب فنرى أن غالبيتهم أصبح في عيشة راضية ولا يضرهم أنهم إذا رفعوا أعينهم يرون علما أحمر عليه بسملة منمقة ، فقد جاءتهم اليد العاملة المنتجة ، ولكن هل يكيفهم هذا دون الانضمام إلي باقي شناقطتهم ؟

الذي يعرف متعة الجنس الواحد مع جنسه لغة وعادة ومجالسة ، يدرك أنه في داخلهم تنقصهم الحياة الروحية لا حياة البطن الممتلئ ، فعدم وجودهم معنا نحن الموريتانيين الشناقطة يغرس ثلمة ومنقصة في حياتهم لا تكيف إلا إذا انتهت.

أما مخيم تيندوف فلو كان الرسول صلي الله عليه وسلم موجودا الآن معنا لشبه المخيم بالمرأة التي دخلت النار بسبب هرة ربطتها حتى ماتت فقال صلي الله عليه وسلم أنها لم تنفقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض ، فكذلك مخيمات تيندوف ، فالجزائر لم تحرر لهم الصحراء ، وإنما أخذت لهم الصدقات من العالم ليعيشوا فوق أرضها باسم اللاجئين أو باسم المخيمات.

أما سكان أزواد فيستحيل عيشهم مع الشمال ( بمباره ) ، فبمباره حياتهم الخاصة تكره كل ما هو غير بمباري ، ولا يزيل ذلك إلا أن يتفرقا فيغني الله كلا من سعته.

هذه كلها حقيقة الشناقطة الحاليين ليس فيهم منذو 50 سنة من يعيش عيشة راضية أو كاملة فوق أرضه وبخيراته التي يراها محبوسة تحت الأرض مثل الزراعة أو محمولة إلي الخارج مثل المعادن والسمك إلي آخره ، والمثبت لهذا القنوط هو التجربة ولكن الله غالب علي أمره.

والآن حان الوصول إلي المقترح الذي بإذن الله تصلح به الدنيا والآخرة وتبعث فيه موريتانيا من جديد بخيراتها جميعا يراها البصر وتمتد إليها اليد ويشترك فيها جميع الشناقطة ، ويندمج كل من يتكلم الحسانية أو كلام البيظان بعضه مع بعض لتكتمل طمأنينة القلب مع سروره ، وليقع التعاون المثمر ، وليعود ما بقي من سكان تيندوف إلي وطنهم ليدفنوا موتاهم فوق أرض أجدادهم ، وليترحموا عند وداعهم المخيم علي من تركوهم تحت القبور ( فنرجو نحن لهم الرحمة الكاملة ) ، وليولوا أهل أزواد وجوههم كاملة إلي موريتانيا غير هاربين من بطش بمباره ، لينسجم الجميع.

هذه الأمنية أرجو أن تكون مثل رؤيا يوسف أري أن أحسن فرصة لتحقيقها هو وجود هذا الرئيس عزواني على رأس حكومة موريتانيا.

فالمغرب الآن كما سمعنا تداعت كثير من الدول للاعتراف بالصحراء وذلك يجعل الجزائر مستعدة لأي طارئ يتحمل عنها عبء المخيم ويغير تبعية الصحراء للمغرب بأي صيغة ، والمغرب من جانبه ينادي دائما بالحكم الذاتي للصحراء التي تحت سلطته ، وموريتانيا طرأ فيها زيادة علي حكم هذا الرجل الرشيد القنوع طرأ عليها قربه أو تقربه من ملك المغرب ، فمد له يده البيضاء المبسوطة ، أما ملوك المغرب فإن الله قذف في قلوبهم حب الشناقطة أزليا يتوارثونه لا طلبا للخيرات ولا للسيادة علي موريتانيا ولكن الرضي والإكبار والإعجاب بما خص الله به الشناقطة أو غالبيتهم من المعرفة والخلق الحسن.

فنحن الذين عشنا الاستقلال سمعنا عن علمائنا وشعرائنا وأمرائنا من التقدير عند ملوك المغرب ما لم نسمع عن أي ملوك آخرين من جيرانهم ، فموريتانيا يحتسبونها شريكة لهم في المملكة ، ونحن نعرف أن علماءنا كانوا يذهبون إليهم باسمهم سلاطين المؤمنين في المغرب العربي ، وعليه فعلي الجميع أن يبارك تقرب الرئيس من الملك ، وعلي الرئيس من كياسته وعدم الوسخ في قلبه أن يلتقي مع الملك ويناقش كل احتمال وحدة يبقي لموريتانيا كيانها وتكون معها المملكة إما باتحاد فيدرالي مثل اتحاد أوربا يبقي الإسم والعلم والنشيد إلي آخره ، وتكون هناك معاهدة مكتوبة في ورق لا تبقى كلمة تدل علي الاتحاد السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي إلا وسجلت فيها ، ويترك هامش يعني السيادة يلقم به كل متنطع حجرا يملأ فمه ، وعندما ينتج هذا فسيحمد أهل موريتانيا الصباح بعد هذا السري وسوف يرون كيف تخرج خيرات الأرض من باطنها إلي ظاهرها ، وعندما تتحقق مثل رؤيا يوسف فسوف يعود مخيم تيندوف إلي الوطن وسكان أزواد ويقول كل الشناقطة بعد ذلك : (( رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين )).

ملاحظة في الموضوع تطرح نفسها : فمعلوم أن المحكمة الدولية أعطت واد الذهب لموريتانيا ، وأن الانقلابيين علي المختار ولد داداه لا يمثلون الشعب الموريتاني فأين قضية واد الذهب التي لم يذكرها أي أحد ؟ سؤال مستقل يريد جوابا !.

سبت, 02/01/2021 - 11:45