تسلل كورونا المتحور يعيد المغرب إلى هواجس "الحجر الشامل"

صورة أرشيفية لتعقيم الشوارع في المغرب

بعدما انتعشت آمال المغاربة بعودة الحياة إلى طبيعتها، في انتظار  وصول شحنات اللقاح،  عادت الهواجس مجددا لتحتل الأحاديث اليومية والعالم الإفتراضي، بعد تسجيل أول حالة إصابة بالسلالة المتحورة لفيروس كورونا المستجد المكتشفة مؤخرا في المملكة المتحدة.

 

وأعلنت وزارة الصحة، الاثنين، تسجيل إصابة بالفيروس المتحور من كورونا لدى مواطن مغربي يقيم بإيرلندا، وصل إلى المغرب عبر بوابة  ميناء طنجة المتوسط، قادما على متن باخرة انطلقت من ميناء مرسيليا بفرنسا.

 

وأكدت الوزارة أن المصاب، الذي لا تظهر عليه أية أعراض، يخضع للعزل الصحي في مدينة  الدار البيضاء. وقد تم التعامل مع مخالطيه وفق البروتوكول الصحي المعتمد في المغرب.

 

وقد أثار  الخبر حالة من القلق لدى المواطنين، خاصة وأن الحكومة البريطانية كانت قد حذرت من أن هذه السلالة تتميز بسرعة الانتشار وشدة العدوى.

 

مواجهة الضيف الثقيل

وفور الإعلان عن تسلل السلالة المتحورة إلى المغرب، سارعت الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من  الإجراءات الوقائية. وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن المغرب قرر منع الطائرات والمسافرين القادمين من أستراليا والبرازيل وإيرلندا ونيوزيلندا، من الولوج إلى التراب المغربي ابتداء من 19 يناير 2021 وحتى إشعار آخر. وتنضاف هذه الدول الأربع إلى كل من جنوب إفريقيا والدانمارك والمملكة المتحدة المعنية سلفا بالإجراء ذاته.

 

وعلى الصعيد الداخلي، قررت الحكومة، الثلاثاء، تمديد فترة العمل بالاجراءات الإستثنائية التي تم إقرارها، منذ أواخر دسمبر الماضي، وذلك لمدة أسبوعين إضافيين، إبتداء من مساء الثلاثاء. ووفق بلاغ للحكومة، فإن القرار يأتي على إثر التطور الوبائي لفيروس كورونا، على الصعيد العالمي وذلك بظهور سلالات جديدة من الفيروس في بعض الدول المجاورة.

 

وتشمل الإجراءات الاحترازية، حظر التنقل الليلي من الساعة التاسعة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا، باستثناء الحالات الخاصة، و إغلاق المطاعم والمقاهي والمتاجر والمحلات التجارية الكبرى على الساعة الثامنة مساء، ومنع الحفلات والتجمعات العامة أو الخاصة.

 مخاوف من العودة إلى الإغلاق الشامل

وقد تصدر خبر الكشف عن أول إصابة مؤكدة بالسلالة البريطانية اهتمامات المغاربة على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث أثيرت تساؤلات حول إمكانية العودة إلى الحجر الصحي الشامل، وتجددت معها المخاوف المتعلقة بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها الاغلاق التام الذي فرضه المغرب في شهر مارس من السنة الماضية.

 

وشهد الاقتصاد المغربي خلال عام 2020 ركودا هو الأسوء منذ عقود، بينما يتوقع البنك الدولي تسارعا في النمو خلال السنة الحالية، بنسبة 4 في المئة.

 

وربطت المؤسسة الدولية في آخر توقعاتها هذا التسارع، بزيادة الانتاج الزراعي بعد سنتين من الجفاف وتخفيف إجراءات الحجر الصحي.

 

وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، لم يخف محسن، وهو طالب باحث في سلك الدكتوراه في العلوم السياسية، تخوفه من إمكانية فرض الحجر الصحي مجددا. ويستدل محسن بأمثلة من دول أوربية مجاورة أعادت فرض حجر صحي شامل أو جزئي وفرضت أقنعة واقية في وسائل النقل العمومية.

 

وعبر الطالب الباحث عن امتعاضه من التدابير المرافقة للحجر الشامل والتي يؤكد أنها "أثرت على حياته الشخصية والدراسية بشكل كبير". أما مراد، الصحفي بإحدى الإذاعات الخاصة، فرحب بفكرة العودة إلى الإغلاق الشامل، "إذا كان ذلك هو الحل الأمثل لتجنب تفشي السلالة الجديدة" واضاف في حديث لموقعنا أن الحكومة كانت دائما تؤكد أن الحجر الصحي هو خيار صعب، لكنها لم تنفي عدم العودة إليه عند الضرورة القصوى.

 

وضمن التعليقات الكثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء في تعليق لمواطن اختار صفة "عييت" كإسم مستعار، وتعني بالعامية المغربية تعبت، أن "دولا عديدة لم تطبق الحجر الصحي ومع ذلك لا تشهد الوضعية الوبائية التي يعرفها المغرب" ووصف قرارات الاغلاق والتدابير الاحترازية "بالفاشلة".

العودة إلى الحجر الصحي.. ممكنة

ومن جهته، يعتبر الدكتور ناجي مصطفى مدير مختبر الفيروسات بكلية الطب بالدار البيضاء، أن السلالة المتحورة التي ظهرت في بريطانيا، تتميز بالعدوى الشديدة، وبقدرتها على إصابة الأطفال، وبالتالي فأن الأمر يتطلب حرصا أكبر ومجهودا مضاعفا فيما يخص احترام التدابير الوقائية، كالتباعد والتعقيم وارتداء الأقنعة الواقية.

 

وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، لم يستبعد الدكتور ناجي، العودة إلى الحجر الصحي، لكنه ربط ذلك بتطور الوضعية الوبائية، مشددا على "أن الأيام المقبلة وما ستحمله من مستجدات على مستوى أعداد الإصابات بالسلالة الجديدة سترهن القرارت الحكومية بشأن الإغلاق من عدمه".

أين اللقاح

وعلى الرغم من أن المغرب كان من الدول السباقة للإعلان عن قرب توصلها بلقاحات مضادة لكوفيد 19.  إلا أنه لم يتمكن بعد من  إطلاق حملة التلقيح التي كانت مقررة آواخر السنة الماضية، ويرجع ذلك إلى  تأخر وصول شحنات اللقاح. وأعلنت الحكومة اقتناء 65 مليون جرعة من لقاحي "سينوفارم" الصيني و"أسترازينيكا" البريطاني بهدف تلقيح حوالي  25 مليون شخص ضد وباء كوفيد-19.

 

ويحاط تأخر وصول اللقاحات بمجموعة من الشائعات، وسط مطالب شعبية بتقديم تفسيرات رسمية حول حقيقة وأسباب هذا التأخير.

 

وفي هذا الصدد أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الثلاثاء، أن حملة التلقيح ستنطلق بمجرد وصول اولى الشحنات من اللقاحات المنتظرة، لكنه لم يحدد اي تاريخ معين لوصول تلك الشحنات.

 

وضمن مبررات التأخر، التي صاغها رئيس الحكومة الذي كان يتحدث في جلسة عمومية بمجلس المستشارين، الغرفة الثانية بالبرلمان، تأكيده أن "القدرة الإنتاجية للقاح في العالم محدودة، مقابل حجم الطلب الكبير". 

 

في المقابل أكد المسؤول الحكومي، أن المغرب على أتم الاستعداد لإنجاح عملية التلقيح مشيرا إلى أن وزارة الخارجية تتابع الموضوع  بشكل يومي مع المزودين.

 

وقد وضعت حالة الغموض التي تلف صفقة اللقاحات، وزارة الصحة في "حرج شديد" أمام الرأي العام، حيث يضطر الوزير الوصي على القطاع،  في كل مرة، للخروج بتصريحات وبيانات تكذيبية.

 

وقد أكد الوزير في آخر ظهور إعلامي، أن الطائرة التي كان من المنتظر أن تقلع نهاية الأسبوع المنصرم من الهند حيث ينتج لقاح استرازينيكا البريطاني، واجهت مجموعة من العراقيل، بينها عدم جاهزية الشحنة. 

سكاي نيوز عربية 

أربعاء, 20/01/2021 - 10:35