كلام في الأنساب!

خالد الفاظل

شخصيا منذ سنوات طويلة جدا لم يعد الحديث عن القبائل والجهات يحرك مشاعري أو يستفز فضولي، خاصة عندما بدأت أشاهد فيديوهات "تشريح الجثث". والتي تخبرنا أن الأجسام كلها متشابهة من الداخل. الفرق فقط يكمن في القيمة التي يضيفها الإنسان للحياة بأفعاله، والتي تؤثر فيها غالبا البيئة التي وجدها أمامه متشكلة عندما ولد وهو يصرخ!
فبعضنا ولد في عائلات ملكية مرموقة والبعض الآخر ولد في مخيمات للاجئين تحاصرها الأوبئة والمحن. البعض منا ولد جميل المحيا والبعض الآخر ولد غير ذلك، البعض منا ولد مع ذكاء حاد والبعض الآخر ولد مع بلادة جلية. ونجد هذا التباين حتى لدى الإخوة التوائم. البعض يرى التباين غير عادل والبعض الآخر يراه مجدا متوارثا ورزقا خالصا له لأنه الأفضل! وهنا يكمن الامتحان الأكبر الذي يسقط فيه معظم البشر، التكبر والحسد. مهما تكن البيئة التي ولدت فيها أو الأرزاق المعنوية والمادية والمعرفية التي وجدت في بيئتك، أو المحن التي وجدتها أمامك فإنك ممتحن؛ أما صابرا أو شكورا. لا أحد ولد حرا بمفهوم الحرية المطلقة، فكل واحد منا معجون من ثقافة وبيئة ما على سطح كوكب الأرض ولا يستطيع التخلص منها والعودة لنقطة الصفر أو النشأة الأولى. لكن لديه عقل وإرادة تمكنه من فعل الخير وتحقيق أحلامه الشخصية والسعي لتحقيق العدل والمساواة في حدود أمكانياته وخارطة عمره المحدودة الأبعاد للغاية. في نهاية المطاف؛ عليكم أن تعلموا بأن التفاضل في الأرزاق والنعم التي وزعها الله علينا في الدنيا ليس صك غفران أو تفضيل أخروي بل هو اختبار وامتحان لنا في الدنيا..
وشخصيا أعتبر الحديث في القبائل والأصول أمر عادي جدا ونقاش علمي مفيد في فهم حركة التاريخ واحتكاك الثقافات والألسن والأعراق وليسا رجعيا. لكن على كل الموريتانيين أن يفهموا بأن الحساب يوم القيامة فردي وأن الله تعالى قال: (( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُون َ))
هنا نواكشوط، العاصمة الخالية من الجسور؛ والقليلة المكتبات والمصانع والمختبرات والملاعب.
جمعتكم مباركة

جمعة, 05/02/2021 - 08:51