تعليمنا العالي: حين يحل الشكل محل الجوهر

أحمد ولد المصطف

سلطة ضمان جودة التعليم العالي مؤسسة مهمة و ضرورية لتعليمنا الجامعي الناشئ.
غير أن الحديث عن "ضمان" الجودة قبل التأكد من ضمان جودة حكامة هذا المستوى من التعليم أشبه ما يكون بوضع العربة أمام الحصان. 
فاكثرية مؤشرات تعليمنا العالي مقلقة و لا تطمئن على حكامته: 
- ضعف الفعالية الداخلية(ارتفاع نسبة رسوب الطلاب)؛
- ضعف الفعالية الخارجية  (تاخر و صعوبة دمج الخريجين في سوق العمل)؛
- ضعف القدرة الاستيعابية لمؤسساته؛
- عدم وجود خريطة جامعية تسمح بتنوع العرض التربوي الجامعي و انتشاره الجغرافي (أكثر من 90 % من الطلاب يدرسون في نواكشوط)؛
- تعثر تطبيق نظام ل م د في العديد من التخصصات نتيجة عدم توفر التأطير الأكاديمي المطلوب، من جهة و ضعف الطاقة الاستيعابية المنوه عنها أعلاه، من جهة أخرى؛
- عدم تمكن أي من مؤسسات تعليمنا العالي حتى الآن من الظهور  في أي تصنيف إقليمي، قاري أو دولي؛
- تخلف مؤسسات التعليم العالي و البحث العلمي، مع استثناءات قليلة، عن تدريس التخصصات المرتبطة بأهم مواردنا الطبيعية: الزراعة، التنمية الحيوانية، الصيد، إلخ.
لو كانت محاكاة الأشكال بالإجراءات الإدارية أو القانونية تجدي لالتحقت الدول المتخلفة بركب العالم المتقدم منذ فترة طويلة، لكن الأشكال لا بد لها من الجوهر و الأساس القويم الذي مناطه التخطيط بدل الارتجال و خلق الظروف الجاذبة للكفاءات بدل تلك الطاردة لها و الانفتاح و التشاور و تغليب المصلحة العامة، إلى غير ذلك من الأمور التي يضيق المقام عن ذكرها و التي لا يزال تعليمنا العالي في أمس الحاجة لها. 
فعلى سبيل المثال، و إذا اقتصرنا على الشكل فقط، لا يكلف إنشاء مركز  استشفائي تابع لكلية الطب مثلا و مخصص لزراعة الأعضاء الحيوية للإنسان (القلب، الكبد، الكلى، إلخ.) سوى مرسوم و لافتة و بناية و تحديد ميزانية و تعيين مسؤول عليه، لكن ما ذا بعد ؟

خميس, 18/02/2021 - 19:34