إلى "أبومازن" مع التقدير

صالح القلاب

لا يجوز في هذه المرحلة الخطيرة أنْ تكون الأوضاع الفلسطينية مبعثرةً على هذا النحو وأنْ يكون هناك خروجاً سياسياًّ على أصحاب القرارات الشرعية وألاّ تدخل منظمة التحرير وحقيقة وحركة "فتح" الصراعات والقضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، وحيثُ أنّ التواطؤ الأكثر من اللزوم قد جعل حركة "حماس" الإخوانية تتصرّف وكأنها الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب العظيم الذي بقي يقدّم الأفواج من الشهداء بينما الإخوان المسلمون وإخوانهم لا يفعلون سوى التنظير وإصدار البيانات العرمرمية وما يجوز ولا يجوز!!.

والمفترض أنّ الرئاسة الفلسطينية ألاّ تمدَّ يدها للإخوان المسلمين ولحركة "حماس" الإخوانية إلاّ بعدما تعتذر ألف مرة عما فعلته بإنقلابها الدموي في قطاع غزة، والذي إستهدفت به حركة "فتح" التي هي أمُّ الثورة الفلسطينية المعاصرة ومطلقةُ أولِّ رصاصةٍ في الثورة ومقدمةً أول شهيد في هذه الثورة بينما كان "الإخوان" يشكلون "ديكوراً" لبعض الأنظمة التي كانت تطارد المجاهدين والفتحاويّين وكانت تملأ بهم السجون والمعتقلات حتى ليس بعض بل كل الدول التي تعتبر نفسها "مجاهدة" وتقدمية!!.

نحن نعرف أنّ "أبو مازن" كان من أوائل الذين شكلوا حركة "فتح" وأطلقوا الرصاصة الأولى إلى جانب إخوته الشهداء ياسر عرفات (أبو عمار) و"أبو جهاد" خليل الوزير و"أبو إياد" صلاح خلف وأيضاً وبالطبع "أبو اللطف" أمدَّ الله في عمره وآخرون لم أذكر أسماءهم تجنباً من أن تخونني الذاكرة في هذا المجال، وهذا يعني أنه رُبان السفينة الفلسطينية في هذه اللحظة التاريخية وأنه المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في هذه المسيرة العسيرة، وأنه الوحيد القادر على إحتضان إخوانه كلهم وإعطاء كلِّ ذي حقٍ منهم حقه حتى بالشهادة من أجل فلسطين التي ليس ما هو أكثر حقاًّ منها بالشهادة.

وإنني إذْ أخاطبُ هذا الأخ الكبير بهذه اللهجة فلأنني عرفته عن قربٍ خلال هذه المسيرة الطويلة ولأنه كان ودائماً وأبداً متطوّع المهمات التي تقتضي الصمت والسرية وكان أول من تحمّل مسؤولية العملية السلمية إنْ مع الإسرائيليين وإن مع الدول الأوروبية وحتى وإن مع الإتحاد السوفياتي وغيرها من الدول الإشتراكية، وهذا يجعلني أنْ أجزم بأنه غير راضٍ عن معظم هذا الذي يجري في الساحة الفلسطينية ويجعل بعض الأخوة الأعزاء المناضلين حقاًّ وفي مقدمتهم المجاهد الكبير مروان البرغوثي الذي كان ولا يزال رصاصة وبيرق الثورة الفلسطينية.

إنّ الأخ الكبير "أبو مازن" يعرف أكثر من الآخرين كثيراً وحتى من كبار إخوته الذين بدأوا مع "فتح" في منتصف ستينات القرن الماضي أنّ الشدائد والمراحل الدامية والعسيرة تجمع ولا تفرق، وأن هذه المرحلة هي أخطر مرحلة مرت بها القضية الفلسطينية وأنها تستدعي الحرص على أيِّ "فتحاوي" كالحرص على بؤبؤ العين في ليلةٍ مكفهرةٍ حالكة السواد وإنه لا يجوز أن تتوجه هذه الحركة التاريخية التي هي بداية الفدائيين وأول رصاص الثورة الفلسطينية إلى شعبها.. هذا الشعب العظيم بأكثر من موقف سياسي وبأكثر من "علاقة" مع حركة "حماس" الإخوانية وأن تكون هناك عشرات القوائم الإنتخابية وبعضها بإسم هذه الحركة التي كان بدأها رجال قد قدموا أنفسهم للشهادة مع الرصاصة الأولى في عام 1965 ومن بينهم محمود عباس الذي نتمنى له موفور الصحة والعمر الطويل.. أيها الأخ الكبير إنّ هذه اللحظة التاريخية الخطيرة تتطلب أن يلتفَّ كل إخوتك حولك، وفي مقدمتهم المجاهد الكبير مروان البرغوثي.. والمناضل ناصر القدوة الذي تعرفه معرفةً أكيدة وعن قرب.

نقلا عن إيلاف

اثنين, 05/04/2021 - 09:31