العبادي يبدأ "مكافحة الفساد" من التعليم

يستمر الجدل حول ملف الإصلاحات في العراق، في ظل توسع حجم النقمة الشعبية على الطبقة السياسية، وخاصة بعد المظاهرات الواسعة التي شهدتها البصرة ومدن جنوبية مؤخرا.

وصادق رئيس الحكومة حيدر العبادي على إحالة وزراء سابقين ومسؤولين كبار من بينهم وزير التربية السابق محمد تميم ورؤساء أقسام بالوزارة إلى هيئة النزاهة للتحقيق معهم في عدة تهم.

وبحسب بيان نشرته الصفحة الرسمية للعبادي على مواقع التواصل فإن هذه الإحالة جاءت على خلفية فساد في عقود مدارس متلكئة في عدة محافظات، لكن كثيرا من العراقيين باتوا يرون في هذه الإجراءات مجرد "تخدير للرأي العام".

وتعد وزارة التربية من أكثر مؤسسات الدولة المتهمة بالفساد، خاصة بعدما نشرت صحف ومواقع إخبارية وثائق عن تورطها في صفقات لطباعة كتب مدرسية خارج البلاد وبكلف باهظة جدا.

ويقول المتحدث باسم الوزارة سرمد سلام إنهم سيلتزمون بنتائج التحقيقات التي ستصدر عن الجهات الرقابية، مؤكدا في الوقت ذاته أن الوزير الحالي محمد إقبال بريء من أي تهم بالفساد، وأنه استلم الوزارة وهي تعاني من عجز في الميزانية.

وأضاف للجزيرة نت أن الوزارة تمر منذ سنوات بظروف "تقشف" مما يجعل اتهامها بالضلوع في عمليات فساد أمرا غير منطقي، لكنهم في كل الأحوال سيساندون العبادي في مشروعه الإصلاحي، على حد قوله.

مسؤولون متهمون
وتداولت مواقع إخبارية عراقية أنباء عن صدور قائمة تضم نحو ثمانمئة اسم في مختلف مؤسسات الدولة -من بينهم وزراء ووكلاء وزارات- ستحال إلى هيئة النزاهة قريبا للتحقيق في شبهات فساد وسوء إدارة.

وسبق أن اتهمت جهات نيابية وزارة التربية بالتورط بعدة صفقات فساد، من بينها الاتفاق مع دار نشر لبنانية لطباعة كتب منهاج اللغة الإنجليزية للعام الدراسي 2018 بمبلغ 38 مليار دينار عراقي (نحو 31 مليون دولار أميركي).

وأشارت هذه الجهات إلى أن وزير التربية الحالي رفض التعاقد مع شركات عراقية قدمت عروضا بمبالغ أقل، مما تسبب بهدر حوالي عشرة مليارات دينار عراقي (أكثر من ثمانية ملايين دولار).

ويؤكد عضو لجنة التربية النيابية رياض غالي أنه قدم إلى الجهات الرقابية وهيئة النزاهة ومجلس القضاء الأعلى عدة ملفات تدين إقبال ووزارته، لكن أطرافا معينة عطلت استجوابه في مجلس النواب قبل نهاية دورته الأخيرة.

ضغط الشارع
ويرى مراقبون أن الاحتجاجات الأخيرة أسهمت في دفع العبادي إلى اتخاذ مثل هذه القرارات، خاصة وأنه ولأول مرة يكون تحت ضغط مباشر وقوي من المحتجين في ظل غياب البرلمان.

ويلقي الصحفي بكر العبيدي بمسؤولية الفساد على الجهات الحكومية والشركات التي تتعاقد معها أيضا "لكن الثقل الأكبر يقع على الوزارات والمسؤولين الفاسدين الذين يتعاقدون مع شركات وهمية أو غير رصينة مقابل السمسرة على المقاولة". وبحسب العبيدي فإن أكثر المستفيدين هم المتسترون على هذه الصفقات.

كما أن وجود بعض القوانين التي تجيز للشركة بيع الاستثمار أو المقاولة إلى شركات أخرى أصغر منها وبكلفة أقل يفتح الباب على مصراعيه للفساد.

ويتهم البعض العبادي باللجوء إلى استبعاد وزراء ومسؤولين تابعين لكتل صغيرة أو ضعيفة، مثل وزير الكهرباء ومفتش الوقف السني وهم "الحلقة الأضعف في المعادلة السياسية".

ويعتقد العبيدي أن مماطلة الحكومة واتخاذها عدة إجراءات "متناقضة وغير مفهومة" بالإضافة إلى محاولة استمالة بعض رموز وقيادات الحركة الاحتجاجية قد أفقدت المظاهرات قوتها وزخمها، فضلا عن "تشتتها وعدم قدرتها على قراءة الوضع بشكل دقيق".

المصدر : الجزيرة

جمعة, 10/08/2018 - 12:18