"كرت أحمر” في وجه الإساءة و الكراهية

المامي ولد جدو

يقول صانع المحتوى الأمريكي المحترف جاي بير  بأن "المحتوى نار والسوشيال ميديا هي البنزين"، وبتعبير آخر وفرت الشبكة العنكبوتية مناخاً تجاوز نطاق أيِّ شيء شهده العالم من قبل، وأشكالاً من التعبير لا أول لها ولا آخر.

فقد فقدنا التواصل الانساني والاحترام المتبادل والنقد البناء وأدب الخلاف، وحلت محلها الاساءة تلميحاً وتصريحاً بكل البذاءات اللفظية، و الرموز التعبيرية والتصويرية، وفبركة ومونتاج الأصوات، ومقاطع الفيديو.

 غير أنَّ هذه الأداة ذاتها أتاحت كذلك فرصاً غير مسبوقة للتعليم وبث المعرفة والتواصل، إلا أنها مناخ مؤاتي للتسبب في الأذى، من خلال إساءة استعمال التكنولوجيا، وهو ما يحتم تطوير النظم القانونية لتلائم تطور الجريمة السبرانية التي تعد مشكلة عالمية متنامية.

حيث يقوم المجرمون السبرانيون بتدمير سمعة الشركات، وتخريب حياة البشر وبث الكراهية والمساس من الثوابت الدينية و هيبة الدولة ورموزها السيادية ومعنويات القوات المسلحة والأمن، ومكونات المجتمع وفئاته، ورئيس الجمهورية الذي "زكاه" أو انتخبته ديمقراطياً غالبية المجتمع.

وربما يعد هذا الأخير محل الجدل الدائر بشأن حماية شرفه وعدم المساس به، وهذا لا يعني نقد سياسته في تسيير الحكم وإنما حماية شرفه الشخصي لأنه ليس بإمكان الرئيس أن يخوض المنازلة القضائية مع كل شخص أو حساب افتراضي يقوم بالإساءة له والمساس بشرفه الشخصي، لذلك لزم وضع قانون كابح لمثل هذه الجرائم التي تطال رئيس الجمهورية، مع التمسك بحرية النقد والتعبير.

ويبقى القانون قانوناً يتحاكم من خلاله الخصوم ويتم عرض القضايا المكيفة بشأنه أمام المحاكم وأنظار القضاء.

فعادة ما تمتنع وكالات الأنباء المهنية العالمية عن نشر الإساءات الشخصية للرؤساء والملوك  كما فعلت الأسوشييتد برس الأمريكية، التي اتخذت قرار عدم نشر كاريكاتير مسيء لملكة بريطانيا نشرته صحيفة فرنسية،  حيث تعد الملكة إليزابيث -التي تجلس على العرش منذ نحو 69 عاماً- رمزاً جديراً بالاحترام لدى كثير من مواطني المملكة المتحدة ودول الكومنولث.

وهو ما لا يمكن التحكم به من خلال وسائل التواصل الإجتماعي التي فتحت باب واسعا لجدال الحمقى.

فلو  عدنا لعقود خلت لاستنكرنا سن قانون مثل مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الوزراء الموريتاني والمعروف بقانون " حماية الرموز"، و لجاز لنا الاستغراب من مثل هذا القانون، إلا أنه مع تطور جرائم القذف والسب والتشهير عبر وسائط التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد بات -هذا المشروع- أمر مطروحا وبشدة لفرض سيادة القانون.

فالمساس بهيبة الدولة وشرف المواطن، يعد جريمة لا ينبغي أن تمر بدون عقاب رادع، وينبغي وضعها في خانة "حرية التعبير السائب".

 

اثنين, 26/07/2021 - 15:08