تونس الى اين؟ اما رفع الجمود و اما الاستعداد لتحمل كلفة التردد!

اسيا العتروس

الغموض لايبني وطنا ..بدون أدنى مبالغة نقول ان ما جعل احد نواب المجلس المجمد منذ اربعين يوما  و هو النائب اسامة الخليفي عن قلب تونس يتكلم بتلك الثقة في النفس خلال المؤتمر العالمي الخامس لرؤساء البرلمانات في العاصمة النمساوية فينا بالامس و يروج لما روجه له بشأن  الديموقراطية الناشئة المغدورة و يطالب بمساندة رؤساء البرلمات للمجلس الذي انهك التونسيين و بات خطرا على هذه الديموقراطية هي نفس الاسباب التي كانت وراء زيارة عضوي الكونغرس الامريكي الى بلادنا نهاية الاسبوع المنقضي كما وراء صدور بيان مجموعة السبع حول الازمة السياسية في تونس …و قناعتنا ان مزيد البيانات ستتهاطل في الساعات و الايام القادمة في حال استمر الجمود الحاصل  في المشهد السياسي و التردد في اعلان اولويات الرئيس قيس سعيد بعد اربعين يوما على قرارات 25 جويلية التي رحبت بها شريحة واسعة من التونسيين بعد ان سئموا وجوه الفشل و الفساد التي تهيمن على المجلس و جعلته ملاذا لعدد من النواب  المحصنين من المسائلة و الملاحقة  في ملفات فساد و تهريب و تبييض اموال و تسفير و تمويل للارهابيين ..
و للاسف لا يبدو حتى الان ان كل الدعوات التي اطلقتها منظمات وطنية و حقوقية  تطالب رئيس الجمهورية بالتعجيل باعلان خطوات ما بعد 25 جويلية فلا يبدو انها وجدت صدى او حركت ساكن قرطاج و جيش المستشارين المحيطين به ممن لا يبدو انهم انتبهوا الى خطورة التحول من حالة الانتشاء بقرارات عيد الجمهورية الى حالة الخوف من تداعيات الفراغ المحتمل امام استمرار المشهد ذاته منذ اربعين يوما ..
طبعا لم يكن من المتوقع من النائب المجمد ان يتحدث أمام رؤساء برلمانات العالم عن الانحطاط و السقوط الحاصل في برلمان الغلبة الذي تحول الى حلبة صراعات مشين  , و لا عن  زعيم حزبه الذي تجاوز الحدود خلسة  لاسباب يعلمها جيدا و لا ايضا عن رئيس البرلمان  الفاشل الذي باتت قيادات من حزبه تصفه بالدكتاتور و سقوطه في مختلف استطلاعات الرأي  و مع ذلك فقد منح نفسه ان يتكلم باسم الشعب دون أي تفويض من أي كان ..و الاكيد ان موقف الخليفي لا يختلف في شيء عن كل محاولات تدويل الازمة السياسية في بلادنا و كل الحملات و اللوبيينغ الحاصل في امريكا و اوروبا للدفع للعودة الى الوراء …و الارجح ان تستمر هكذا محاولات طالما وجدت لها الارضية المطلوبة ..
لا خلاف ان الطبيعة تابى الفراغ وان السياسة لا تقف عند الشعارات و الاهواء و السياسة الحكيمة ترفض الانسياق غير المحسوب العواقب  وراء لعبة الهروب الى الامام و الانجرار وراء العناد القاتل , وقد وجب الانتباه  و التحذير الى أن للتردد كلفته و هي كلفة قد تكون باهضة اذا غابت الواقعية و و ساد بدلا من ذلك الخوف من المجهول ..كما  وجب الاعتراف ان الغموض لا يبني وطنا و لا يعزز الثقة في القيادة و ان الايادي البيضاء و السمعة النظيفة  ليست بديلا للانجازات التي يتطلع اليها العامة و لا يمكن ان تظل شماعة الى ما لا نهاية لغياب المشاريع الكبرى و الاصلاحات التي تنتظرها الجهات المحرومة …اخيرا و ليس اخرا من يرفض تدخل القوى الاقليمية و الدولية في خياراته ان يصنع له بديلا و ان يكون له قوة اقتصادية و ديبلوماسية وامنية و علمية  تعزز قراره السيادي وتجنبه  انتظار منح الاخرين وسياسة الاستجداء.. تونس اليوم في نفترق طرق و تحتاج للخروج من الغموض الى الشمس ..

نقلا عن رأي اليوم 

خميس, 09/09/2021 - 13:13