صاروخ صديق !!

علي حسين

حيثما أجد موضوعاً عن رئيس البرازيل الأسبق، لولا دا سيلفا أقرأه. صحيح أننا لن نحظى في يوم من الأيام بمثل هذه الشخصيات، لكننا جميعاً نتذكر عبد الكريم قاسم الذي رفض أن يجلس في قصر رئاسي. فقط مشتمل بسيط في البتاويين.

خلال فترة حكمه استطاع لولا دا سيلفا الذي عمل في طفولته صباغاً للاحذية وبعدها عاملاً في مصنع للحديد ان يغير حياة الملايين من ابناء شعبه ، وعندما قرر أن يقاتل الفقر، لم يجعلها معركة ثأرية بل جعلها حرباً من أجل فقراء البرازيل، لم يطل "لولا" على شعبه ليلقي الخطب بل طالب بالعمل والاجتهاد وإشاعة المحبة بين الناس. وجعل شعاره إغناء الفقراء لا إذلال البلاد.

كلما كتبت عن تجارب الأمم وقصص الشعوب، أجد في اليوم التالي من يعاتبني، لأنني أترك هموم هذه البلاد، وأنباء "صاروخ" النجف الذي أطلق على مركز الرافدين وأتحدث عن سياسي "كافر" ولا أتضامن مع الذي أطلق الصاروخ، الذي يعتقد أن الأمر منافسة "إعلامية" شريفة!! .

يبدو ما يجري في بلاد الرافدين نوعاً من أنواع السيريالية التي لم تخطر على بال المرحوم "سلفادور دالي"، ونوعاً من مسرحية عبثية لم يكتب مثلها صاحب الوجه المتجهم صمويل بيكيت، ففي بلاد تطلق فيها الصواريخ في وضح النهار، وتسرق أموال الشعب من دون أن يقدم مسؤول إلى القضاء.

بعد خمسة عشر عاماً من الديمقراطية، حصلت أحداث "سارة" في بلاد الرافدين. أبرزها أن مقتل شباب التظاهرات أمر بسيط في نظرالسياسيين ، ولم تعد مسألة الإصلاح مهمة ولا ملاحقة الفاسدين، المهم أن الجميع يعتقد أنه الأحق بالجلوس على كرسي البرلمان.

انتخاب الرئيس "لولا دا سيلفا" عام 2002 شكّل انتقالة مهمة في حياة البلاد، وخاصة عندما أطلق في مطلع عام 2003 برنامجه الشهير "الجوع صفر"، أي "القضاء على الجوع" ظلّ لولا في الحكم حتى عام 2010 عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة، لأنّ الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء رئيساً للبرازيل، قدّم صورة أخرى للزعامات في العالم، أعطى لشعبه، درسا من ان السياسة ليست منصبا حكوميا ، وانما هي خدمة للناس ، وبينما يصرّ البعض على الاستمرار في الجلوس على الكرسي حتى النفَس الأخير، مشى "لولا" حتى اليوم الأخير من حكمه مؤمناً بالدستور رافضاً أن يغيّره لصالحه فيبقى رئيساً مثلما تمنّى معظم أهالي البرازيل.

للأسف البعض من سياسيينا لا يريدون لهذا الشعب أن يدخل مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الخوف وفقدان الأمن والأمان.. يااعزائي الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا من أرقام السرقة وتزوير الشهادات .

نقلاً عن "المدى"

أربعاء, 01/12/2021 - 14:17