مطابخ الخوارق

محمد الأمين محمودي

لدى كل قبيلة مطبخ تخرج من مراجله وجباتها الروحية التي يتناولها العامة ببراءة وسذاجة،ويتعامل معها الجيران من القبائل الأخرى بسخرية صامتة،لكن الجيران يصمتون فقط لأن مراجلهم تفور و مطبخهم يشتغل هو الآخر..هكذا كان التفاهم دائما بين صناع الأساطير والخوارق،اسكت عن كرامات أوليائي أسكت عن كرامات وخوارق أوليائك او الصالحين من أهلك.
العقول نمت والجمع تفرق،واختلط الناس، وبدأ كل واحد يراجع ماكان يطبخ في بلدته، ليكتشف بأن خوارق قومه بتفاصيلها الملحمية كرامات حصرية لدى آخرين،وهنا تسرب الشك معززا بالتعقل والفهم الحقيقي للدين،فتم صقل ذلك التراث في المجمل ولم يبق الا حراس وهم مازالوا يعتقدون بامكانية الاستفادة من قَصص لايستقيم عقلا ولامنطقا،ورسائل هؤلاء الاشهارية،و التشهيرية في حقيقتها هي التي يتلقفها الناس، وتحيل الكثيرين منهم الى شك في المصادر وشك حتى في المعلوم من الدين  اذ التبس عليهم الأمر أيما التباس.
عباد الله الذين اصطفاهم على غيرهم كثر ولايعلمهم الا هو، وان كان عمل أحدهم الظاهر يجعلك تحس قربه وارتقاءه لكن ليس لحد منحه القوة المستحيلة للبشر،والتمكين الذي لم يمنح للأنبياء او الملائكة.
أنصح أصحاب المطابخ القبلية ان يفتخروا بعلم وكتب واجتهادات علمائهم او زهد زهادهم، لأنهم هنا سيثبتون مايدعون ببساطة وسيصدقه الناس،فمن شاء -بعدها وبسببها- احترم القبيلة ودفع لها المغرم والمغنم والوساطة والجاه والنفوذ،ومن شاء احترم الجهد العلمي والنسك والزهد لأصحابه وأصحابه فقط، واحتفظ بماله في حافظة نقوده..
ولي الله،أو العبد الصالح يسير بيننا دون ان نعرفه،وان لاحظنا اختلافه عنا فلاشك سيقدم لنا نفسه على انه ليس شيئا في عالم التقى والورع فمابالك بالاصطفاء.
 

ثلاثاء, 22/02/2022 - 16:41