السبب الحقيقي وراء قيام روسيا بحظر فيسبوك

أعلنت هيئة الرقابة الروسية على الإنترنت أنها حظرت منصة "فيسبوك" (Facebook) في جميع أنحاء البلاد، لتنضم إلى قلة من أكثر الأنظمة القمعية في العالم من خلال عزل مواطنيها عن أكبر شبكة اجتماعية دولية.

وفي تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" (Washington post)، قال الكاتب ويل أوريموس إن هيئة الرقابة الروسية "روسكوم نادزور" (Roskomnadzor) اتخذت خطوة لحظر التدفق الحر للمعلومات، وألقت باللوم على فيسبوك عقب القيود التي فرضها على وسائل الإعلام الحكومية الروسية في الأيام الأخيرة.

ووفق الكاتب؛ فإن حملة الكرملين الصارمة ضد فيسبوك ليست تقييدًا لحرية التعبير بقدر ما هي مناورة ذات هدف أوسع وأبعد، لا سيما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أمضى سنوات في تضييق الخناق على الصحافة والحريات عبر الإنترنت واعتقال المتظاهرين، وعلى عكس ما قد يفترضه المراقبون الغربيون، فإن الأمر لا يتعلق بشكل مباشر بتقييد وصول الروس إلى وسائل التواصل الاجتماعي، بل هي مناورة تهدف إلى ترهيب الشبكات الاجتماعية الأخرى.

ويلفت الكاتب إلى أنه على خلاف العديد من البلدان التي تعد فيسبوك منصة اجتماعية مهيمنة فيها، فإن الحال في روسيا ليست كذلك؛ إذ إن أقل من 10% من الشعب يستخدمون فيسبوك، وفقًا لبيانات "إي ماركتر" (eMarketer)، وبدلاً من ذلك فإن المنصات الأكثر شهرة هي منصة "في كي" (VK) الروسية إلى جانب "يوتيوب" (YouTube) و"تلغرام" (Telegram) و"واتساب" (Whatsapp) و"إنستغرام" (Instagram)، وبالنسبة للغالبية العظمى من الروس، فإن الحظر على فيسبوك له تأثير ضئيل أو حتى معدوم على التواصل والحياة اليومية.

ويبيّن الكاتب أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن واتساب وإنستغرام سيظلان متاحان للروس على الأقل في الوقت الحالي، على الرغم من أنهما مملوكان أيضًا لشركة "ميتا" (Meta) الأم التي يتبعها فيسبوك، وكذلك الحال بالنسبة لمنصة يوتيوب، في ظل القيود التي تفرضها على القنوات الروسية مثل "آر تي" (RT) و"سبوتنيك" (Sputnik)، في وقت أوردت فيه بعض التقارير أن منصة "تويتر" (Twitter) لم تكن متاحة في روسيا يوم الجمعة الماضي، رغم عدم تأكيد الدولة ولا الشركة أنه تم حظرها بالفعل.

تقارير ذكرت أن تويتر لم تكن متاحة بروسيا الجمعة الماضية، رغم عدم تأكيد الدولة ولا الشركة أنه تم حظرها بالفعل (رويترز)
ومن هنا، كما قال الكاتب، فإن حظر فيسبوك خطوة دراماتيكية ورمزية إلى حد كبير تبثّ تحذيرًا وتهديدًا للغرب، وفي ظل بروز منصة فيسبوك بشكل كبير في الغرب، فمن المتوقع أن تتصدر الخطوة عناوين الصحف خارج روسيا، لكنها تثير غضبًا ضئيلا نسبيًا من الداخل، بحيث يمكن الآن لهيئة الرقابة أن تشير إلى موقفها المتشدد ضد فيسبوك في نزاعاتها المستمرة مع كل من ميتا وشركات التواصل الاجتماعي الأخرى التي لديها قواعد مستخدمين روسية كبرى.

ونقل الكاتب عن روسكوم نادزور تصريحها على قناتها على تلغرام الخاصة بها، الذي قالت فيه إنها أرسلت مؤخرًا رسائل إلى شركتي "غوغل" (Google) و"تيك توك" (TikTok) للضغط عليهما بشأن قضايا تتعلق بقيودهما على وسائل الإعلام الحكومية الروسية، وخوارزمية تيك توك التي توصي بمقاطع فيديو تتعلق بالحرب في أوكرانيا للقاصرين على حد قولها، لا سيما وأن تيك توك أصبح مصدرًا رئيسيًّا لمقاطع الفيديو المتعلقة بالصراع الدائر في أوكرانيا.

وفي الوقت الذي يكافح فيه الموقع من أجل الحفاظ على اتزان علاقاته مع روسيا والغرب منذ اندلاع الحرب، كما حذرت روسيا -الشهر الماضي- شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى من أنه يتعين عليها الامتثال لقانون جديد يطالبها بإنشاء كيانات قانونية داخل الدولة، مما يمنح الحكومة نفوذًا أكبر عليها.

ويرى الكاتب أنه ليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كان الحظر الذي تفرضه روسيا على فيسبوك مؤقتًا أم دائمًا، وما إذا كانت ستتبعه حملات أخرى على الشبكات الاجتماعية الأخرى في البلاد؛ إذ قالت آلي فونك، كبيرة محللي الأبحاث للتكنولوجيا والديمقراطية في فريدوم هاوس، إنّ هذا يتماشى مع قواعد اللعبة التي استخدمتها روسيا ودول أخرى بشكل متزايد لمحاولة السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضافت فونك "نرى بشكل متزايد حظر المنصات كطريقة للحكومات لإجبار الشركات على الالتزام برقابة الدولة ومطالبها بالمراقبة؛ إذ يستغلون قوة المنصات لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بهم".

المصدر : الواشنطن بوست

خميس, 10/03/2022 - 13:36