أيامُ صعبةُ قد تأتى

وحيد عبد المجيد

لم تعد روسيا تقبلُ الوضع الذى تمخض عن انتهاء الحرب الباردة, وتتطلعُ إلى تغييره. وتشاركُها الصينُ هذا الموقف، ولكنها تتعاملُ مع ما لا تقبلُه بطريقةٍ مُختلفةٍ لأنها مستفيدةُ من الوضع الراهن, بل هى الأكثر استفادة بسبب موقعها المحورى فى النظام الاقتصادى العالمى, والمكانة المميزة التى يحققُها لها وتزدادُ كل يوم. وهذا يفسرُ تباين موقفيهما فى الجولة الراهنة من الصراع العالمى.

تحاولُ روسيا الحصول على اعتراف بنفوذٍ لها فى الدول التى كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتى السابق، ودولٍ أخرى فى شرق أوروبا. وترفضُ أمريكا وحلفاؤها مطالب روسيا, التى قُدمت فى صورة ضماناتٍ أمنية. وهذا هو جوهرُ جولة الصراع الراهنة التى صارت أوكرانيا ساحتها بحكم موقعها الحساس.

صراعُ فى مطلع العقد الثالث من القرن 21 يُدارُ فى جولته الحالية بعقلية القرنين الماضيين. وهذا مؤشرُ إلى انسدادٍ بلغه النظامُ العالمُ الراهنُ, ولا يبدو فى الأفق ما يدلُ على امكان تجاوزه فى وقتٍ قريب. فالاعتمادُ على أدواتٍ قديمةٍ, ومناهجٍ كانت مُلائمةً لمراحل سابقةٍ يعنى مرةً أخرى أنه ليست لدى معظم أطراف الصراع الراهن على مستقبل النظام العالمى رؤى جديدةُ متكاملةُ يمكنُ أن تُسهم فى فتح الطريق التى تبدو مسدودةً إلى حين.

وبرغم أن الأمريكيين لم يعد لديهم كل النفوذ الذى جعلهم فى وضعٍ أقرب إلى القوة الأولى, وليس القطب الأحادى, عقب انتهاء الحرب الباردة, لم ينضج بعد الظرفُ الموضوعىُ اللازمُ لبناء توافقاتٍ تُناسبُ زمننا, وإن كان فى أنماط تفاعلاتٍ جديدةٍ مرتبطةٍ بسياسات الصين الاقتصادية والتجارية والاستثمارية ما قد يخلقُ أرضيةً لها فى وقتٍ قد لا يكونُ بعيدًا. ولكن ماذا قبل أن تتوافر هذه الأرضية, وهل يتجهُ العالمُ صوب مرحلةٍ جديدةٍ لا مثيل لها منذ ظهور النظام العالمى فى صورته الحديثة عقب الحروب النابليونية, وانطلاقًا من مؤتمر فيينا 1814-1815, وهل نرى فيها شيئًا من ملامح (اللانظام) لفترةٍ ما حتى يكتملِ تبلورُ النظام العالمى الثنائى الجديد الصينى- الأمريكى, وكيف يمكنُ التعامل مع أيامٍ صعبةٍ قد تأتى خلال فترة الانتقال هذه؟. أسئلةُ تتطلبُ تفكيرًا موضوعيًا بمنأى عن الرغبات والأمنيات بقدر الإمكان.

نقلا عن الأهرام

ثلاثاء, 15/03/2022 - 13:21