معركةُ القناع

وحيد عبد المجيد

تكشفُ الانتخاباتُ معادن المرشحين, وربما تكونُ جولةُ الحسم فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية كاشفةً للمدى الذى سيبلغهُ كلُ من ماكرون ولوبان فى تغيير مواقف تتعلقُ بمبادئ، لجذب أكبر عددٍ ممكنٍ من أصوات الخاسرين فى الجولة الأولى.

وقد بدأ كلُ منهما فى تعديل خطابه الانتخابى. وربما تدفعهما حدةُ التنافس إلى مزيدٍ قد يستدعى ارتداء قناع اليسار، لأن ناخبى جاك ميلانشون الذى خسر بفارقٍ ضئيل يُعدون خزّان أصواتٍ يمكنُ التنافسُ على جزءٍ كبيرٍ منه. وربما نلاحظُ شيئاً من هذا فى مناظرة الأربعاء المقبل’ التى يُتوقعُ أن يكون مستواها أفضل من سابقتها التى عجت بمهاتراتٍ قبل 5 سنوات.

معركةُ صعبةُ على قناعٍ يحتاجهُ كلُ منهما, وهو يخاطبُ ناخبين يعرفُ أنهم يرفضونه. كانت لوبان قد سبقت إلى «استعارة» بعض المواقف اليسارية خلال حملة الجولة الأولى، ضمن سعيها إلى تقديم صورةٍ جديدة,ٍ فأضافت إلى برنامجها قضايا اجتماعية ـــ اقتصادية. ونجحت نسبيًا فى تسويق هذه الصورة. واستغلت ترشح إريك زمور، فتركت له الخطاب اليمينى الأكثر تشددًا، وأخذت خطوةً نحو الوسط فى القضايا التى دأبت على تناولها وهى قابعةُ فى أقصى اليمين.

وستكونُ مهمةُ ماكرون صعبةً فى ضوء برنامجه الذى يعبرُ عن اليمين الليبرالى. لكنه سيركزُ على التحسن الذى حدث فى سوق العمل من حيث عدد الوظائف التى زيدت فى السنوات الأخيرة، وعلى خطته لبلوغ التشغيل الكامل، ولخفض الضرائب على الأسر والشركات الصغيرة.

وبرغم أن ارتداء المرشحَين قناع اليسار لن يُمكنهما من إرضاء أنصار ميلانشون، الذى تبنى برنامجًا اجتماعيًا أكثر تقدمية مما يمكنُ تنفيذهُ فى الواقع الآن، ربما يكونُ ماكرون أكثر اطمئنانًا. فقد ناشد ميلانشون أنصاره ألاَّ يعطوا صوتًا واحدًا إلى لوبان، وإن لم يطلب منهم التصويت لماكرون. ولكن يصعبُ تصور أن يلتزم كل أنصاره بالنأى عن لوبان، فى ضوء تصويت بعضهم لها فى جولة الحسم عام 2017، لأن الراديكالية اليسارية تتقاطعُ جزئيًا مع التشدد اليمينى. ولكن ألا يمكنُ أن يكون المقاطعون والمقترعون بأوراقٍ بيضٍ أكثر تأثيرُا فى جولة الحسم من ناخبى ميلانشون؟ سؤال نعودُ إليه حين تصبحُ الصورةُ أكثر وضوحًا.

* نقلا عن " الأهرام"

اثنين, 18/04/2022 - 17:27