بقيمة 4 مليارات دولار.. لماذا تخسر مصر التحكيم الدولي؟

لا ينتهي نزيف التعويضات الذي تدفعها مصر جراء خسارتها قضايا التحكيم الدولي، فقد سددت القاهرة غرامات بنحو 4 مليارات دولار خلال عشر سنوات لدول أجنبية ومستثمرين، وما زالت تواجه مزيدا من الخسارة.

وستضطر الحكومة لدفع ملياري دولار لصالح شركة طاقة إسبانية إيطالية بموجب الحكم الصادر قبل أيام من مركز تحكيم تابع للبنك الدولي، نتيجة توقف القاهرة عن إمداد الشركة بالغاز الطبيعي.

ومنذ العمل بنظام التحكيم الدولي في مصر عام 1994 خسرت القاهرة 76 قضية من إجمالي 78 قضية مع مستثمرين أجانب.

ويبلغ إجمالي القضايا التي تنظرها حاليا مراكز التحكيم الدولي -إلى جانب ما يبحثه مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم- 37 قضية ضد مصر.

من هذه النزاعات 9 قضايا ينظرها مركز التحكيم الدولي التابع للبنك الدولي، فضلا عن 13 قضية أمام تحكيم دولي سري تحت إشراف غرف تجارية أو بلاد المستثمر.

وحصدت إسرائيل النصيب الأكبر برصيد 4 قضايا خسرتها مصر جميعا، وأكبر تعويض لتل أبيب كان لصالح شركة كهرباء، بعدما قضت المحكمة الفدرالية العليا السويسرية في أبريل/نيسان 2017 تغريم مصر ملياري دولار.

تعويضات ضخمة
وقدّرت الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم الغرامات الواقعة على القاهرة جراء قضايا التحكيم الدولي بنحو 74 مليار جنيه (نحو 4 مليارات دولار) خلال الفترة من 2008 إلى 2017.

وأرجعت الأكاديمية في تقرير لها خسارة القاهرة قضايا التحكيم الدولي إلى قلة عدد المحكمين المصريين، حيث شارك 7 محكمين فقط من إجمالي 450 في 150 قضية.

وحسب تقديرات هيئة قضايا الدولة فإن قيمة التعويضات المتوقعة على البلاد جراء هذه القضايا نحو 100 مليار جنيه.

مقابل ذلك تخصص القاهرة 4 مليارات جنيه سنويا بموازنتها العامة كاحتياطي طوارئ لأحكام قضايا التعويضات.

واللافت أن أغلب قضايا النزاع تحدث بسبب تطبيق الحكومة المصرية نظام الخصخصة عبر بيع أصول الدولة لمستثمرين محليين وأجانب، ونتيجة لوجود ثغرات بعقود الاتفاقات أو عرقلة في تنفيذ تلك التعاقدات يلجأ الطرف الأخر لمقاضاة مصر.

أسباب النزاع
ويُرجع الخبير الاقتصادي أشرف دوابة كثرة قضايا التحكيم الدولي المقامة ضد الحكومة المصرية إلى اتباعها سياسة التفريط في مواردها وأصولها عند إبرام الاتفاقات مع المستثمرين الأجانب.

وأوضح للجزيرة نت أن الحكومة تعطي للمستثمر أكثر مما يستحق عند صياغة العقود، وهو ما ينتج عنه مشكلات في مراحل تالية. وأضاف "الحكومة تفعل ذلك من منطق جذب المستثمرين لكن الوقت كشف فداحة هذا المنطق".

كما أن الفساد الإداري وعدم الشفافية لهما دور في نشوب النزعات بين الأطراف محل الاتفاق، بحسب دوابة.

وعن تداعيات كثرة قضايا التحكيم الدولي، أكد الخبير الاقتصادي أن إحجام المستثمرين عن دخول السوق المصري يكون نتيجة مباشرة لمثل هذه النزاعات، موضحا أن المستثمر لا يشعر بالأمان في مثل هذه الظروف.

أما الحلول، فوجدها دوابة في طرح التعاقدات بشفافية وخنق الفساد عبر تحقيق الحرية الاقتصادية المنضبطة، إلى جانب رفع الجيش يده عن القطاع الاستثماري والاقتصادي.

ولكن، لماذا تخسر مصر قضايا التحكيم الدولي؟ يجيب وزير العدل السابق المستشار أحمد سليمان بأن هناك عدة أسباب تُضعف الموقف القانوني للقاهرة.

ووضح سليمان -في حديثه للجزيرة نت- أن من تلك الأسباب ثبوت مخالفة مصر لالتزاماتها ثبوتا يصعب التشكيك فيه، أو إهمال الفريق القانوني الذي يتولى القضية في متابعتها وإبداء الدفاع فيها، أو ضعف مستواه العلمي من الأساس.

ويرى الوزير السابق أن لجوء مصر إلى مكاتب المحاماة المتخصصة في هذا النوع من النزاعات سيكون أكثر جدوى.

الحلقة الأضعف
من جهته، قال البرلماني السابق عز الدين الكومي إن مصر دائما ما تكون الحلقة الأضعف في قضايا التحكيم الدولي، بل هي من أكثر دول العالم خسارة لهذا النوع من النزاعات.

وأرجع ذلك إلى اختيار أفراد يقومون بمهمة الدفاع عن حقوق مصر، ليس حسب الكفاءة بقدر ما هو على أساس المجاملة والمحسوبية بهدف الحصول على المقابل المادي وبدل السفر.

ويقابل التراخي المصري اجتهاد من جانب الطرف الأخر في النزاع، والذي عادة ما يلجأ للتعاقد مع شركات محاماة عالمية وبيوت خبرة قانونية مرموقة، حسب قول الكومي للجزيرة نت.

أما عن أسباب نشوب النزاعات من الأساس، فأكد البرلماني السابق أن الفساد والفشل الإداري أثناء إبرام التعاقدات يؤديان لحدوث المشكلات.

المصدر : الجزيرة

أحد, 09/09/2018 - 22:50