ضباط في حضرة الملك.. كلام عن الماضي وتجاهل للمخاطر

سهير فهد جرادات

 حاولت أن أصمت .. أبلعها .. أجمطها .. ما انبلعت معي ولا انهضمت ولا انجمطت .. أتحدث عن مجريات لقاء المتقاعدين العسكريين الأردنيين مع القائد الأعلى للقوات المسلحة .. حاولت ان اتجاوز عما جرى في اللقاء “كلام عن الماضي “، واسترجاع “ لذكريات خاصة “ جمعتهم مع القائد قبل ان يعتلي العرش ؛ تتنافى مع “ العقيدة العسكرية “ القائمة على الدفاع عن قضايا الأمة، والتصدي لأي هجوم خارجي، والمحافظة على الاستقرار الداخلي، مما يوجب “تَفْنِيد “ ما جاء في اللقاء الذي “ أساء “ لفئة مهمة جداً تشكل رديفاً قوياً للجيش، كون غالبيتهم ما زالوا “ ضباط احتياط “، وإظهارهم بمظهر لا يليق بإنجازاتهم ومهامهم، وتفريغ اللقاءات الملكية من مضامينها !!
لغاية الآن، ما زلت أحاول أن أفهم ما الهدف من “ الفيديو “ الذي صوَّره الديوان الملكي ومنتجه ووزعه، و”ركز” على “قصص خاصة “ حدثت مع رفقاء السلاح ممن خدموا بمعية الملك في مختلف وحدات القوات المسلحة، عندما كان عسكريا يخدم في الجيش، وتم فيه أيضا عرض “قصتين”،لا تليق بقادة عسكريين أن يذكروها أمام عدسات الكاميرات، لا تقال إلا في جلسات خاصة ومغلقة بعيدة عن الرصد الإعلامي، حفاظا على هيبة الجيش والعسكر.
لو افترضنا بأنه تم ”اجتزاء” الفيديو والتركيز على الجانب “ الترفيهي “، فإن هذا لا يليق بالهيبة العسكرية، وعلينا ان لا ننسى أن هيبتهم من هيبتنا، الأمر الذي جعلنا نفكر أن من يقف خلف إنتاج هذا الفيديو أراد إعطاء صورة سطحية عن “ 135 ضابطا “ من قادة الجيش ومنتسبيه ممن شاركوا في اللقاء، وأنهم بعيدون كل البعد عن المخاطر التي تواجه البلد، وهذا امر غير مقبول، خاصة ان هؤلاء “ كغيرهم “ ينتمون للعسكرية ويعتزون بها وما زالوا يحتفظون بلباسهم العسكري .. مما يؤكد أن إعلام الديوان إما قاصراً أو قاصداً؟
هل هذا ما يريد ان يسمعة الملك من المتقاعدين العسكريين ؟! خاصة أن المؤسسة العسكرية تعد العمود الفقري للنظام الهاشمي، وتليها العشائر الأردنية بشقيها “البدوية والفلاحية “الموالية للهاشميين” .. ولكن للأسف تم تمزيق العشائر الأردنية وتفتيتها، وتقزيم دور زعماء عشائرها، واضعاف العشائر بسحب الواجهات العشائرية واقصاء افرادها من الساحة الى حد لا يليق بها وبهم، واليوم نأتي الى “هز“ صورة دور “متقاعدي الجيش“ ونشر مداخلات لا تليق برتبهم.
الجميع يتحدث أننا لا نمتلك ترف الوقت، خاصة عندما نتحدث عما يدور من احداث عالمية وعن دورنا المقبل في المنطقة، وما يجري على حدودنا، لذلك كان “الأجدى “ بالعسكر أصحاب الخبرة والباع الطويل في العمل العسكري والمنخرطين في الهم العسكري، والمدركين للمخاطر التي تعترض البلد ان يستغلوا وقت الملك “المسقتطع“ للحديث عن تخوفاتهم ووجهات نظرهم العسكرية والاستراتيجية، ونقل “مطالب العسكر العاملين و المتقاعدين“ من ”اختطاف “ارزاق الجيش، ومشاكل صندوقي الإسكان العسكري وشهداء القوات المسلحة، وعن تطوير “مكرمة الجيش“ المخصصة للدراسة الجامعية لأبناء العسكريين، وآلية إعادة احتساب راتب التقاعد و الاعتلال للعسكريين، ومناقشة مخاطر وحسنات إعادة هيكلة الجيش الأردني، ورفع مستوى معيشة ضباط وأفراد الجيش وتعديل سن التقاعد، وخفض مدة ترفيع الضباط، والاهم بحث تردي مستوى الخدمات الطبية الملكية.
للأسف، لم يستغل هؤلاء الضباط الوقت للحديث عن مشاكل البلد ومناقشة “لوين رايحة“، واستغلوه “للترفيه عن الملك“، وكأنهم في جلسة بعد انتهاء التدريبات العسكرية، للحديث عن أخطائهم وهفواتهم التي ارتكبت خلال التدريب والمناورات العسكرية ليخففوا عن نفسهم !! في الوقت الذي يعاني البلد انتشار الفساد وتفشي الواسطة والمحسوبية ويشهد ارتفاعا للأسعار في ظل رواتب تقاعدية أضعف من أن تواجه المتطلبات الحياتية الكبيرة، وكلنا يعلم مقدار “التذمر“ الذي وصل الى جميع منتسبي الأجهزة “ عاملين ومتقاعدين “، والعاملين والمتقاعدين من القطاعين العام والخاص .
لغاية اللحظة، ما زال الهدف من اللقاء مجهولاً .. وهناك الكثير من الأسئلة ما زلنا نبحث لها عن إجابة : هل الحق على المنظمين؟! أم على من تم اختيارهم؟! أم على عدم التنسيق المسبق بين الديوان والمدعوين؟! أم بين المدعويين أنفسهم، وعدم الاتفاق على “الطروحات“ في اللقاء؟! أم أن اللقاء مع فئة مهمة كان على أساس “ رفع عتب“؟!..
كله إلا الجيش !!

نقلاعن رأي اليوم 

خميس, 16/06/2022 - 16:58