تركيا: مصالح متغيرة ضمن خطوات غير واضحة

نور ملحم

من طبيعة أردوغان أن يُغير مواقفه بصورة كبيرة دون أي تحفظات وقد عكست سياسات أنقرة تجاه بعض دول الإقليم هذه الطبيعة المُتغيرة، مثل العلاقات التركية مع إسرائيل وانتقالها من العداء إلى تأسيس علاقات كاملة بينهما وبالتالي، فإن أسلوب عمل الرئيس أردوغان وتعاطيه مع التطورات التي تشهدها السياسة الخارجية التركية والتحولات الإقليمية والدولية يجعلان من موقفه المُتغير إزاء دمشق أمرا طبيعيا، بالنظر إلى سياسته منذ عام 2003 وحتى الآن
لم تكن ردود فعل القوى الإقليمية والدولية، وحتى على مستوى الداخل السوري، جميعها إيجابية تجاه تغير التوجه التركي من سوريا، بل يمكن القول إن علامات الاستفهام حول هذا التغير تغلب على الترحيب به.
أثارت هذه التطورات التركية قلقا كبيرا لدى فصائل المعارضة السورية، خاصة السياسية منها واتضح ذلك من التصريحات التي أدلى بها العديد من قياداتها، والذين أكدوا أنهم أجروا اتصالات مع وزارة الخارجية التركية لمنع هذا التغير، والعودة إلى الموقف الأصلي من الحكومة السورية
وعلى الرغم من أن الإستراتيجية التركية كانت ثابتة خلال العمليات العسكرية الأربع التي قامت بها في الشمال السوري، فإنه من الواضح أنها تباينت بخصوص كل منطقة من المناطق الثلاث التي استهدفتها عفرين، وريف حلب الشمالي، ومنطقة تل أبيض.
عمدت تركيا في تهجير الأكراد من منطقة عفرين، ووطنت فصائل عسكرية وعائلاتهم في هذه المنطقة، بجانب نقل النازحين التركمان إلى منطقة الشريط الحدودي في عفرين وعلى اتساع الحدود، بما أحدث نوعا من التغيير الديموغرافي. كما قامت بعملية تتريك لكل الحياة المدنية هناك، وفرضت نظاما خدميا يرتبط بالحكم المحلي في تركيا وكأن المنطقة أصبحت جزءا من تركيا.
بينما تباينت سياسة أنقرة بخصوص منطقتي ريف حلب الشمالي وتل أبيض، فهي تحاول استيعاب السكان في هذه المناطق حتى تكون مجال مساومة مع النظام السوري وروسيا، وقد قبلت نوعا من التفاهم مع الأخيرين بأن تكون هناك دوريات مشتركة لمكافحة وجود قوات تابعة للفرع السوري التابع لحزب العمال الكردستاني في تلك المناطق، وما زالت تتهم الطرفين بأنهما لم يقوما بواجبهما في هذا المجال. وترد روسيا وسوريا على تركيا بأنها لم تُنفذ كذلك التزاماتها بإبعاد كل الفصائل والتنظيمات الإرهابية المُرتبطة بها من مناطق التماس بين سوريا وتركيا.
ضغوط الداخل التركي وضعت  أردوغان  في موقف لا يحسد عليه فالفشل في اتخاذ القرارات جعله يتبع خطوات غير واضحة وثابتة لذلك كان الرضوخ لروسيا هو الحل الوحيد ضمن ظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها تركيا محاولاً الاستفادة من الحرب الأوكرانية والظروف التي تواجه موسكو، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، سواء على مستوى الطاقة والمسائل الاقتصادية الأخرى أو حتى على المستوى السياسي والعسكري. ولا شك في أن روسيا تُدرك ذلك جيدا.

نقلا عن رأي اليوم 

جمعة, 30/09/2022 - 09:59