تقدير موقف

محمد ناجي

ولد عبد العزيز قدم الكثير لهذه البلاد، كان رجل المرحلة آنذاك بمباركة الرادكاليين المعارضين، ووفق في خطابه (يمكن العودة للأرشيف)، لامس وجدان الشعب وتطلعاته، قال في بداياته لديناصورات القبيلة لا، قلّص سلطتهم، وجدد الطبقة السياسية إلى مستوى معيّن رغم المآخذ، لكنه أخطأ في اختيار طبقة رجال الأعمال، اختار مجموعة من النّهمين، لايتوفر لديهم طرح رجال الأعمال ولا فكرهم، مجموعة من التيفاي وقطّاع الموانئ والعمولة، صنعوا نقمة عليه في أوساط طبقة العمال بشكل أكبر وأكثر حدية.

لكل حاكم رجاله في السياسة والمال.

هذا الخطأ في صناعة رجال المال سيكرره غزواني، من يستبشرون منهم بالقادم ويُتوقع صعودهم "تيفايه" من نوع آخر، ونتفق بفوارق طفيفة أن صفة رجال الأعمال لاتنطبق عليهم إلا بالتوصيف العامي، وأن هذه الطبقة القوية والمتنفذة مع كل نظام تميزت بصفة تخصها :

كان رجال المال في زمن ولد الطائع يستغلون النفوذ للتربح بالمال العام وسرقته واستغلاله واخفائه أحيانا، لكنهم كانوا مؤسسة نمطية  تقوم بدور هام بالنسبة للسلطة، تشتري الخصوم والأقلام والشعراء والقبائل والشخصيات المغاضبة، لقد كانوا كرماء بالسرقة، بينما أخطأ ولد عبد العزيز في اختيار تيفاية مرحلته، لقد اختار مجموعة من النّهمين، لم يسكتوا مغاضباً ولم يبذلوا جهدا خدميا في مصلحة غير مصلحة جيوبهم، هنا لا أفترض هذا الدور لرجال الأعمال في دولة القانون ولا أقرّه، لكنه ابتلاء في دول العالم الثالث، لقد كانت ميزتهم هي اقتصاد العمولة من كل شيء، بما في ذلك الشركات الأجنبية الوافدة، والوساطات في أبسط مخالصة إلى أكبر معاملة، يحتكرون السوق على أنفسهم بما يحفظ لهم غياب المنافسة والسيطرة المطلقة.
وكتقدير موقف حول المرحلة المقبلة، أعتقد أن البلد مقبل على نمط استثماري _تحصيلي_ جديد يهدّد الجودة بالمقام الأول مع صعود صاروخي للأسعار، وبطبيعة الحال ستتبدل دول التوريد، الصين وماليزيا وإندونيسيا والهند وباكسان وتايلاند وتركيا ستكون في المقدمة بنسبة متقدمة عن باقي الدول ذات الصناعات الجيدة، وسيكون التركيز على التوريد بدل التصنيع والتصدير.
برأيي على ولد الغزواني أن يراعي هذه النقطة، فالمشكل في تمثلاته ليس سياسيا فحسب، بقدر ماهو اقتصادي استثماري، على ولد الغزواني الرئيس المحتمل أن يصنع طبقة رجال أعمال حقيقية تمتلك رؤية استثمارية عصرية، وأن يُبعد تيفاية البلاد ظلمة العباد، خدّام الجيوب الخاصة.

أحد, 03/03/2019 - 21:30