الجزائر ودرجة الإنفجار

احمد المقدادي

تتصاعد الاحتجاجات الشعبية في الجزائر ضد ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، يوما بعد آخر وباتت تتوسع حتى على المستوى السياسي وقيادات الحزب الحاكم نفسه دون ان تظهر أية مرونة من حاشية الرئيس المقعد والراقد على سرير العلاج في سويسرا، او تلميحات بالتراجع امام الفورة الشعبیة التي تزداد غليانا.

ولا يمكن نسيان ان الجزائر كانت من البلدان العربية القليلة التي عبرت مرحلة ثورات الربيع العربي بسلام رغم ان شعبها اختبر حربا اهلية دامية تفجرت في بداية التسعينات ولم تخمد نارها الا في عام ٢٠٠٠ ليتعلم الجزائريون درسا ويأخذوا عبرة مما حصل لهم ولبلادهم فيكونوا اكثر حذرا في خياراتهم السياسية والا يخلطوا بين التظاهرات المطلبية والعنف الذي يهدد بخروج الأوضاع عن السيطرة ويعيدهم الى كابوس الحرب الأهلية.

لازالت الامور تحت السيطرة، ولازال المتظاهرون لا يريدون سوى تراجع الرئيس المقعد والراقد على سرير العلاج في سويسرا عن الترشح لولاية خامسة وان يفسح المجال لمن هو اكثر منه صحة وعافية ولا يقل عنه حرصا في ادارة البلاد في زمن اكثر ما تحتاج البلدان فيه هو الاستقرار واشد ما تتمسك به الشعوب هو الامن والامان حيث فايروسات الإرهاب تبحث عن اي نقص مناعة امنية لتأكل من امن البلدان وامان الشعوب خدمة لأجندات لا تريد للمنطقة والعرب والمسلمين خيرا.

وفي مثل هذه الظروف ومع وصول الجموع الجماهيرية الى درجة الغليان بينما لا يصدر لحد الان ما يخفف احتقانها، لم يؤخذ تعهد الرئيس بوتفليقة بإجراء انتخابات مبكرة بعد عام من بدء ولايته الخامسة على ان لا يترشح مجددا، لم يؤخذ على محمل الجدية ونُظر اليه على انه لا يلبي مطالب الجمهور بتخلي الرئيس بوتفليقة عن منصبه لعدم قدرته على اداء مهامه وبالتالي من اعلان شغور رئاسة الجمهورية وتنظيم انتخابات من دونه.

لذا، ومن اجل تجنب الانفجار وتطاير شظاياه في مختلف الاتجاهات والذي قد يكون خارج السيطرة، تحتاج الجماهير الجزائرية الى ما يطمئنها الى تحقيق مطالبها وان تبادر الرئاسة الجزائرية والقائمين على الامور والمقربين من الرئيس بوتفليقة الى ما ينزع فتيل الازمة ويجنب الجزائر الانزلاق الى المجهول وان يتم اتخاذ قرار جريء يمتص كل هذا الاحتقان الشعبي ويحتوي الغليان السياسي ويجنب البلاد مخاطر الانفجار الذي لا تحمد عقباه ليبقى الجزائر بلدا آمنا مستقرا لا تهزه ابتزازات الاموال ولا يتراجع عن مواقفه تجاه القضايا العربية والاسلامية وخاصة دعمه للقضية الفلسطينية ومواقفه الشجاعة من الازمة السورية وبقائه عصيا على كل اغراءات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وضغوطات البيت الابيض الأميركي

الوفاق

اثنين, 11/03/2019 - 10:36