الجامعة العربية في ذكرى تأسيسها الـ74 أين تدوير منصب الأمين العام ؟

مصطفى محمد الأمين سيد أحمد

التأسيس

يعود تأسيس الجامعة العربية إلى الثاني والعشرون من 22 مارس 1945 في القاهرة كإطار لتوحيد الروابط الإقتصادية والدينية والثقافية للدول الناطقة باللغة العربية ، إضافة إلى توحيد الكلمة ،دون أن تهمل الروابط السياسية أيضا بهذه الأقطار العربية،هذه الأهداف مجتمعة كانت كافية لجعل الفكرة تلقي موافقة عامة من زعماء الدول العربية ،فتلقفها العرب بشيئ من الدفئ  والحماسة إلى وحدة غابت منذ بعض الوقت في ظرفية إقليمية  ودولية صعبة بفعل الضغط النازي والفاشي على دول أوربا أثناء الحرب العالمية الثانية ،وأنهيارالدولة العثمانية قبل ذالك.

بدأت تلك اللجنة عملها في 25 سبتمبر 1944 بحضورممثلين عن مصر  ,سوريا، لبنان، العراق،  الأردن، السعودية ،اليمن،إضافة ممثل عن عرب فلسطين ،بعد عدة جلسات صيغت بنود عامة كانت النواة الأولي إلى ميثاق الجامعة ،فرأي الميثاق النور في 19 مارس ووقع عليه مندوبوا الدول العربية بالقاهرة في 22 مارس 1945 .

وبالعودة قليلا إلى الأهداف التي أنشأت على أساسها الجامعة العربية ومنها توثيق الصلات بين دول العالم العربي الذي حث عليه ميثاق الجامعة العربية و اتفاقية  الدفاع العربي المشرك ، وصيانة والحفاظ على أمنها وأستقرارها في المجال السياسي والإقتصادي والإجتماعي وحتي الصحي ،من خلال توقيع اتفاقات لتسهيل التبادل التجاري وتوحيد التعرفة الجمركية وكذا ترسيخ الوحدة الإقتصادية للوطن العربي المطلب الذي سيُصبِح جماهيريا أكثر من كونه سلطويا.

تدوير منصب الأمين العام للجامعة

وبإلقاء نظرة على سلم هذا الهيكل العربي الحيوي، نجد الأمانة العامة محصورة فى أشخاص من جنسيات مصرية منذ التأسيس إلى الْيَوْم بإستثناء فترة إنتقل المقر من مصر إلى تونس أثناء المغاضبة العربية على سياسات مصر الخارجية ،حيث تولي الأمانة العامة السيد للشاذلي القليبي في مارس من العام 1979 .

تنتشر دعوات كثيرة تنال صدي كبيرا في الشارع العربي ممن ينادون بضرورة تدويل منصب الأمانة العامة وجعله حقا لجميع الدول الأعضاء وليس حكرا علي مصر دولة المقر.

وعلي أعتاب الذكري السادسة والسبعين من تأسيس الجامعة  يحق لنا أن نسلط الضوء على إشكالية تدوير المنصب باعتبار الأمين العام يحتل منصبا ساميا في هذا الهيكل حيث تعاقب عليه منذ النشأة ثماني أمناء عامون بما فيهم الحالي أحمد أبو الغيط كلهم من جنسية واحدة بإستثناء الشاذلي تونسي الجنسية  كما ذكرنا من قبل.

تعيين الأمين العام  

ينص ميثاق جامعة الدول العربية  في مادته الثانية عشرة أن مجلس الجامعة هو الذي يعين الأمين العام بأغلبية الثلثين ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد وتكمن أهمية المنصب في المهام التي يحددها النظام الأساسي التي منها المهام الإدارية والفنية وتشمل متابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة ولجانها وتحديد تواريخ دورات انعقاد مجلس الجامعة وتوجيه الدعوة لعقد اجتماعات مجلس الجامعة وللجان الدائمة ،وتنظيم أعمال السكرتيريا وإعداد ميزانية الجامعة. 

هذا إلى جانب المهام السياسية وتتضمن حق حضور إجتماعات مجلس الجامعة ، والمشاركة في مناقشة  الموضوعات المعروضة عليه و حق تقديم تقارير أو بيانات شفوية ومكتوبة عن أي مسألة يبحثها المجلس وحق توجيه نظر المجلس إلى مسألة يبحثها المجلس وحق توجيه نظر المجلس إلى مسألة يقدر الأمين العام أهميتها،وحق تمثيل الجامعة لدي المنظمات المنظمات الدولية ،والتحدث بسمها و التوجه للرأي العام بالبيانات للازمة.

جدلية التدوير

وبالعودة إلى السؤال المطروح لماذا لا يتم تدويل المنصب مادام الميثاق الداخلي يفرض انتخابه  ؟ ولماذا يقتصر على دولة المقر؟.

ينقسم أهل الرأي بين من يري حتمية أن يكون من دولة المقر مستشهدا بالأمين العام التونسي للشاذلي الذي شغل المنصب أثناء انتقال المقر إلى تونس، علي خلفية توقيع السادات لإتفاقية كامل ديفيد،فهو عرف وليس قانونا يضيف أصحاب الرأي فليس في الجامعة ما يلزم إختياره من دولة المقر ،لكن بالمقابل يكون تعاون دولة المقر أكثر سلاسة إذا  كان من الدولة ذاتها وهي من زكته لذالك،مضيفين أن الإهتمام يجب أن ينصب على العمل العربي المشترك والمصلحة العليا ، وليس على جنسية هذه الشخصيةالإعتبارية.

بينما يري الآخرون ضرورة تدوير المنصب وضج دماء جديدة في مسيرة الجامعة مستشهدين بالتكتلات الإقليمية والدولية التي تجاوزت إنجازاتها جامعة الدول العربية ،علما أنها تأسست بعدها وتتخذ من سياسة تدوير المنصب نهجا في عملها ولَم تفق أي دولة ممن تحتضن مقر تلك التكتلات عقبة إختبارشخصية لتولي تلك المناصب والسيطرة على عملها ،بل تجد المقر في دولة والأمين العام أو الرئيس من دولة أخري ،حسب الطريقة التي يتم التوافق عليها  في التناوب والإختيار،مستشهدين أن المادة الثانية عشرة من ميثاق الجامعة إكتفت بالنص على انتخاب الأغلبية  بقرار يصدره  الدول الأعضاء بأغلبية الثلثين ,ولأن هذه المادة لم تحدد الشروط الواجب  توفرها في شخص المرشح لشغل المنصب، أو جنسية المترشح ، نجد الواقع خضع لإعتبارات تتعلق بالعرف أكثر من القواعد القانونية الواضحة والمنضبطة والملزمة.

وكباحث في الشأن أري أن  تدوير المنصب بغض النظر عن دولة المقر سيعطي دفعا لهذا الكيان سواءا من خلال الكفاءة  التي يعتبر التنوع مصدرها الأول  أو من خلال إعطاء ميكانيكية وديناميكية وحركية جديدة في هيكل العمل العربي المشترك ليفتح التناوب بين دول أعضاء المجلس من أجل خلق تعاون عربي مشترك يسهم بالدفع وتحقيق النهوض لهذا الإطار العربي المهم بيت العرب.

اثنين, 11/03/2019 - 12:25