قال وزير الشؤون الاسلامية و التعليم الأصلي أحمد ولد أهل داوود إن عملية الحج لهذا العام كانت "ناجحة بامتياز كما أن الخدمات المقدمة فيها ظلت من أحسن الخدمات التي تقدم في موسم الحج"، مضيفا أن الجانب السعودي لم يقدم أية ملاحظة على أداء البعثة الموريتانية هذا العام، شاكرا الخطوة التي قامت بها المملكة العربية السعودية من تشريف البلد بكلمة الوفود الاسلامية المشاركة في الحج هذا العام مشددا على أنها "خطوة تعبر عن تزكية لعمل البعثة وحظوة كبيرة لجهود بلدنا في هذا المجال" حسب تعبيره.
و أكد ولد أهل داوود في مقابلة مع موقع الصحراء أن وزارته وضعت خطة مغايرة للطريقة التي كان يسير بها تنظيم الحج في السابق, مشيرا إلى أن هذه الخطة "شخصت المشاكل الحقيقية لعملية الحج، سواء منها ما يتعلق بمرحلة التحضير التي يتم تنفيذها في أرض الوطن أو ما يتعلق بمرحلة التنفيذ و هي التي تتم على مستوى الديار المقدسة" وفق تعبيره.
وهذا نص المقابلة:
- الصحراء: ماهي أبرز مرتكزات الخطة التي وضعتم لسير عملية الحج هذا العام؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود: بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام علي النبي الكريم ..
أولا أشكر موقعكم المميز على هذه السانحة وبخصوص سؤالكم لقد وضعنا خطة مغايرة لما كان يسير عليه تنظيم الحج في بلادنا, و هي الآن في عامها الثالث.
هذه الخطة شخصت المشاكل الحقيقية لعملية الحج، سواء منها ما يتعلق بمرحلة التحضير التي يتم تنفيذها في أرض الوطن أو ما يتعلق بمرحلة التنفيذ و هي التي تتم على مستوى الديار المقدسة.
ففي ما يتعلق بالمرحلة الأولى أسسنا نظاما مخالفا لما كان عليه الأمر من قبل، فبعد أن كانت عملية الحج في عموم البلاد تتمركز في العاصمة نواكشوط حيث يسافر المواطنون من مختلف الولايات للتنافس في القرعة التي تجري بمعهد ابن عباس بطريقة بدائية لا تضمن سلامة سير إجراءاتها بالإضافة إلى الإجراءات الصحية و المالية و الأوراق المدنية التي كانت تمر بنفس الطريقة، و تتمركز في العاصمة أيضا مما ولد إقبالا كبيرا على العاصمة نواكشوط. و بالتحديد جامع ابن عباس، و هو ما يعطي للمتابع لأول وهلة أن أمرا جللا يتم التحضير له في هذا المكان و هو ما يستلزم دوام التواجد الأمني في المعهد إلى آخر تلك الاشكالات التي كانت مطروحة. و تجاوزا لكل هذه الاشكالات المذكورة اعتمدنا ما يلي :
_فتح الموسم مبكرا و ذلك بفتح التسجيل للراغبين في الحج خمسة أشهر قبل المغادرة بعد ان كان يفتتح سابقا مع بداية شوال، أي شهر و عشرين يوميا قبل المغادرة و هو ما مكن البعثة الإدارية من التنظيم الجيد و المتقن للعملية من جهة و إعطاء فرصة للراغبين في الحج من جهة أخرى.
2_ إنشاء إدارة خاصة بالحج و العمرة فبعد أن كان الملف يسند كل عام لأحد مستشاري الوزير قمنا بإنشاء هذه الإدارة الخاصة بالحج و العمرة و التي ستكون ذاكرة و مرجعية في تجربة القطاع كل سنة في الحج.
3_ اللامركزية في جميع الاجراءات:
اللامركزية في التسجيل: حيث أصبح متاحا لكل المواطنين الراغبين في الحج التسجيل في مكاتب الوكالة الوطنية لسجل السكان و الوثائق المؤمنة و التي نشكرها بالمناسبة على الشراكة المثمرة مع القطاع في هذه المرحلة من تنظيم الحج بإشراف الإدارات الجهوية للشؤون الاسلامية المنتشرة في عواصم الولايات مما يوفر على المواطنين تكاليف النقل و الإقامة من و إلى نواكشوط، و بعد انتهاء عملية التسجيل و التي لا تأخذ أكثر من دقيقتين من وقت المواطن يكون الجميع على موعد مع القرعة التي تبث عبر الأثير مباشرة، حيث يختار الجهاز بصفة عشوائية العدد المطلوب من الحجاج ضمانا للشفافية و تساوي الفرص بين جميع المواطنين.
اللامركزية في الاجراءات الصحية: حيث يتم تقديم اللقاحات المطلوبة للحاج بالتنسيق مع وزارة الصحة في عاصمة كل ولاية.
اللامركزية في الإجراءات المالية: حيث يتم دفع المبلغ المطلوب من الحاج في حساب بنكي موجود في عاصمة كل ولاية هذا بالإضافة إلى تولي البعثة استخراج جوازات سفر المواطنين المشاركين من الداخل بالتنسيق مع الوكالة المعنية.
كل هذه الإجراءات مكنت المواطن من البقاء في محل إقامته و مزاولة أنشطته العادية، و حتى أسبوعا واحدا قبل مغادرته إلى الديار المقدسة.
4_ إنشاء حقيبة موحدة للحاج الموريتاني لأول مرة في تاريخ البلد، تحمل علم الجمهورية الإسلامية الموريتانية و رقم الحاج و سنة الحج، و هي عبارة عن حقيبتين: حقيبة يدوية و أخرى للشحن تسع الوزن المسموح.
5_ توفير خط مباشر و ذلك بفتح جسر جوي من نواكشوط إلى المدينة المنورة ذهابا و بين جدة و نواكشوط إيابا.
هذا في ما يتعلق بملامح الخطة الجديدة على مستوى الشق الأول من العملية و هو المنفذ على أرض الوطن، أما في ما يتعلق بالشق الثاني فنذكر منه ما يلي:
_إقامة الحجاج بالمنطقة المركزية بالمدينة المنورة و هي المنطقة المحاذية للحرم المدني و تضم سلسلة الفنادق الراقية، فبعد ان كان الحجاج يتجهون خارج هذه المنطقة أصبحوا الآن يقيمون في الفنادق الراقية و المصنفة سياحيا في درجة ثلاث نجوم قرب باب السلام، مما يمكنهم من أداء الصلوات في الحرك المكي.
_ الحرص على توفير الراحة للحجاج و ذلك بتأمين الحراسة المستمرة لسكن الحجاج و القضاء على كل المظاهر المحلية داخل سكن الحجاج كالتجارة... إلخ.
_كما تم توفير إقامات مريحة بمكة المكرمة مع توفير الباصات لنقل الحجاج لأداء الصلوات في الحرم و كذا توفير الباصات للعمرة هذا بالإضافة إلى السيطرة التامة و الحمد لله على عملية النقل خلال فترة المشاعر الممتدة من مكة إلى منى و من منى إلى عرفة و من عرفة إلى مزدلفة و كذلك التحكم في مخيم منى.
هذه بشكل عام هي أبرز ملامح الخطة التي اتبعناها خلال السنوت الماضية تطبيقا لتوصيات فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يحرص على أن يؤدي جميع الحجاج الموريتانيين مناسكهم في أحسن الظروف وقد انتهجنا في كل سنة إدخال بعض التحسينات البسيطة لنصل للهدف المنشود و منها على سبيل المثال في هذا العام: تكليف كل عضو من البعثة بمرافقة مائة حاج و حل مشاكلهم و هي عملية عرفت الكثير من السكينة و الوقار على مستوى التعامل بين البعثة و الحجاج هذا العام.
- الصحراء: سجل بعض المشاركين في عملية الحج فروقا كبيرة بين محطة المدينة المنورة ومكة المكرمة حيث تعالت الأصوات لتراجع مستوى الخدمات إلى ماذا يرجع ذلك؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود:أولا لا أرى فرقا كبيرا بين الخدمات المقدمة للحجاج على مستوى كل من مكة و المدينة هذا من ناحية، و من ناحية أخرى فهناك فرق كبير بين إيجار الفنادق في المدينة و في مكة في الوقت الذي تمكنا فيه من إيجار أماكن راقية وقريبة من الحرم بالمدينة المنورة كما أسلفنا. لم يكن بوسعنا فعل ذلك بمكة لأن ثمن السرير في تلك الفترة في مكة قرب الحرم المكي يصل 17000 ألف ريال أي حوالي مليون و 700 ألف أوقية أي ما يفوق المبلغ الذي يدفعه الحاج بما يزيد على 200 ألف أوقية، ولا فرق يلاحظ هذا العام إلا ما يتعلق بتأخر توفير السكن لبعض الحجاج من الفوج الرابع لساعات محدودة و ذلك راجع إلى الممارسات الفوضوية لبعض الحجاج حيث قام بعضهم بإغلاق الغرف التي ما زالت تتسع لغيرهم محاولين بذلك احتكارها لأنفسهم مع العلم أنه لا يؤجر سرير زائد على عدد الحجاج و أي فعل كهذا سيؤدي لا محالة لمثل هذه الحالات و مع ذلك فقد تمت تسوية الإشكالات في ساعات قليلة و تم إسكان من تم الاحتيال على سكنهم من طرف بعض الأشخاص، و لإزالة اللبس حول هذه المسألة فإني أقول بأن الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية تضمن مسبقا عدم حصول أي حاج على التأشيرة مالم تتأكد توفير السكن له.
- الصحراء: كيف تقيمون سير عملية الحج هذا العام؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود:تقييمنا لعملية الحج هذا العام أنها كانت عملية ناجحة بامتياز و الخدمات المقدمة فيها من أحسن الخدمات التي تقدم في موسم الحج بالنسبة للعارفين بصعوبة الموسم و كثرة المنافسة خاصة في ظل تزايد عدد الحجاج هذا العام. حيث يتنافس الملايين على تقديم الأجود في هذه الخدمات في زمن محدود و في مكان محدود.
- الصحراء: ما مستوى تعاطي الجانب السعودي و تقييمه لحملاتكم في السنوات الأخيرة ؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود:الجانب السعودي يتابع العملية في أدق تفاصيلها، و يقدم ملاحظاته فيها خلال اجتماع دوري يعقد كل عام بين وزارة الحج بمختلف طواقمها و بين كل بعثة على حدة، و هنا أقول لكم: أن أول اجتماع حضرته مع هؤلاء كان سنة 2015 حيث قدموا لي سيلا من الانتقادات للعام السابق (الفوضوية، الامتعة الزائدة، التجارة داخل سكن الحجاج ، احتلال المخيم من طرف غير الحجاج. إلخ) و التزمت لهم حينها بالتغلب على كل هذه المشاكل بإذن الله تعالى. و فعلا تحقق ذلك بفضل الله فحين جلسنا معهم لتقييم الموسم في العام الموالي اعترفوا صراحة بأنهم لم يسجلوا على البعثة أية ملاحظة ما عدى ملاحظة طفيفة تتعلق بالبعثة الطبية حينها، حيث قامت بوضع النفايات الطبية في الأماكن المخصصة لرمي الأوساخ. و في العام الماضي أيضا تابعنا في هذه التجربة و في اليوم التقييمي في بداية هذا العام اعترفوا بعدم تسجيل أية ملاحظة على البعثة، و هذا ما نأمل أن نستمر عليه.
وننتهز الفرصة لنشكر المملكة العربية السعودية على تشريف الدولة الموريتانية بالكلمة باسم الدول الاسلامية وهي خطوة تعبر عن تزكية لعمل البعثة وحظوة كبيرة لجهود بلدنا في هذا المجال.
- الصحراء: إلى ماذا ترجعون الفوضوية التي تسجل سنويا في مخيمات و سكن الموريتانيين مقارنة بالدول الأخرى؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود:هذا ما تحدثت عنه آنفا من ضبط تام للمساكن من خلال الحراسة المستمرة و كذلك بالنسبة بالمقيم، لأن غير الحجاج من الموريتانيين تعودوا دوما مرافقة الحجاج خلال فترة وجودهم و هذا ما حاربناه من خلال الآليات التي تحدثت فيها سابقا.
- الصحراء: سجّل البعض عدم اهتمام المرشدين الدينيين بالحديث باللغات الوطنية للكثير من سكان الضفة الذين لا يفقه معظمهم الحديث باللغة العربية، ما ردكم ؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود:لا يمكن للمتابعين للبعثة الفقهية هذا العام أن يسجلوا هذه الملاحظة، و ذلك نظرا لوجود واحد من أكبر علماء البلد الذين يتحدثون بهذه اللغات ضمن البعثة العلمية و كان معنيا بتدريس الأحكام للمواطنين الذين لا يتحدثون العربية.
- الصحراء: هل من كلمة أخيرة ؟
الوزير أحمد ولد أهل داوود: مرة أخرى أشكركم، و أرجوا للجميع حجا مبرورا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا و عودة ميمونة لأرض الوطن كما أؤكد لكم أنه بإذن الله تعالى سنستمر في المحافظة على هذه الانجازات و سنعمل على زيادتها، وذلك انطلاقا من التوصيات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز الذي يحرص على أن يؤدي جميع الحجاج الموريتانيين مناسكهم في أحسن الظروف.