احمدو محمدو: من المسؤول عن فشل الحوار ؟!

ثلاثاء, 2015-11-03 08:28
احمدو ولد محمدو ناشط سياسي

الحوار عنوان كبير يختلف المشاركون فيه حسب أهدافهم وأغراضهم من ورائه وحسب المناورة التي يحمل كل منهم قبل دخوله مجريات الحوار، وأخطر هؤلاء الذين يقصدون المشاركة لتحقيق مكاسب شخصية سواء كانت سياسية أو غير ذلك على حساب الوطن والمواطن، حيث تعميهم حساباتهم الضيقة عن رعاية مصالح الأمة والسير في فلك التوافق المطلوب.

وفي موريتانيا تمت الدعوة إلى الحوار من طرف السلطة وعبَّر النظام في مختلف مستوياته عن دعوته الطرف الآخر للجلوس معا إلى طاولة الحوار لبحث أزمات البلاد والخروج بحل نهائي وتوافقي يتم بحثه على تلك الطاولة التي رفضت المعارضة بشكل مبدئي الاقتراب منها، وهو ما يدل على أن هناك رغبة حقيقية لدى المعارضة في عدم المشاركة في هذا الحوار؛ وذلك رغم كون الحوار هو الوسيلة الوحيدة لجميع شعوب العالم لضمان عدم انزلاق البلاد إلى مصير مجهول.

ولدي ثلاث نقاط أود التركيز عليها في هذا الإطار:

أ- المشاركة في الحوار ينبغي أن تكون حصرا على أساس مصلحة البلد وخدمة للمصالح العليا للمواطن، وذلك ما ينبغي أن تجعله الأطراف نصب أعينها خلال التحضير للحوار، وهذه المشاركة لن يكتب لها النجاح أبدا إن كانت لمصالح آنية وأهداف معينة سواء كانت في صبغتها الشخصية أو السياسية الضيقة، وهو ما يتطلب جهدا إضافيا للجم الطموحات الخاصة والقضاء على استغلال الحوار كمطية لتحقيق مآرب في نفس ”يعقوب“.

ب- تمر الأوطان بظروف صعبة تجبر الأطراف على التداعي لطاولة الحوار من أجل حل الأزمات والتقليل من انعكاساتها على الفرد والمجتمع، وهذه الأوقات المعينة تكون دافعا لكل مواطن أيا كان انتماؤه السياسي أن يتجرد من مصالحه الشخصية، ويطرح جانبا روح الانتقام وسوء النية ويقوم بتقديم مصالح الوطن، ورغم كون مثل هذه الظروف استثنائية إلا أنه يتم التعامل معها بطريقة خاصة ومميزة لضمان العبور إلى المستقبل كما سبق وأن جربته العديد من القوى السياسية التي تمكنت من إنقاذ أوطانها من مخاطر الانهيار.

ج – ظل الخطاب الذي تدلي به المعارضة المقاطعة للحوار خلال أحاديثها لوسائل الإعلام خطابا متطرفا وغير متصالح مع الجو المناسب للدخول في حديث مع الطرف الآخر، وقد ساهم خطابها هذا في تكريس المشاكل والقطيعة بين الأطراف السياسية في البلاد، حيث قامت المعارضة بتهديدات متوعدة بالانتقام الشرس لتغيير النظام ومحاسبته حسابا عسيرا، وهذا طرح متطرف وغير قابل للنقاش، إذ أن أي شخص في الأغلبية سواء كان رئيس الجمهورية أو غيره حينما يسمع هذه التهديدات سيرفض التنازل عن أي مكسب وسيرى نفسه على صواب، وذلك ما سيؤدي تلقائيا إلى عدم إشراك أي طرف معارض في التشاور المنتظر، ولا شك أن التمسك بهذه اللغة واعتماد مثل هذه الأساليب من طرف المعارضة سيؤدي حتما إلى تكريس الخلاف القائم بين الأقطاب السياسية ولن يساهم في إيجاد حل لهذه الأزمة.

وهنا نستعرض البديل الذي نقترحه وفق رؤيتنا لتطورات العلاقة بين القوى السياسية، إذ لا بد أن تكون المعارضة على مستوى معين من الحكمة وأن يكون الخطاب الذي تصدره مهذبا حتى يساهم في إنجاح الحوار، وأعتقد أنه ينبغي أن يكون سلوك المعارضة على العكس مما أشرنا إليه سابقا، وتقوم بحمل مطالب مشروعة وقانونية مثل المطالبة بتنظيم انتخابات شفافة عبر آليات وضوابط قانونية واضحة يشارك فيها الجميع وتكون انتخابات إجماعية ... مع العلم أنني علمتني الحياة أنه يصعب تحقيق الإجماع في أي قضية أو على أي ملف مهما كان كما تثبته المعطيات عبر التاريخ والتي تؤكد أن الإجماع الجامع ضرب من الخيال.

وأعتقد كذلك من وجهة نظري أن في المعارضة من هو أهل للنقاش وطرح التصورات وبحث الحلول للمشاكل لكونه على مستوى رفيع من الحكمة، وأنه سيتولى معالجة هذا الوضع من خلال اتخاذه الإجراءات المناسبة لحلحلة الموقف بطريقة معقلنة ووفق رؤية مقنعة لجميع الأطياف التابعة لها خاصة أنها تتمتع بتجربة في هذا الإطار.

لكن وبما أن فخامة رئيس الجمهورية طالب في وقت مبكر بالحوار وأعلن عن ترك الباب مشرعا أمام الجميع دون سقف ولا حدود، وذكَّر بهذا الموقف في جميع الفرص التي أتيحت له لخطاب الرأي العام الوطني والدولي من خلال القمم والمؤتمرات والمناسبات الوطنية والإقليمية.. فإنه على المعارضة بالمقابل أن تقبل هذه الدعوة بشكل فوري وأن تشارك في مجريات الحوار المنتظر انطلاقا من مبدأ حسن النية.

وهناك شبهة يثيرها البعض مقتضاها أن الأغلبية إذا كانت سبق وأن قدمت للمعارضة وعودا في الماضي ولم يتم تطبيقها فإنه ليس بالضرورة ألا تلتزم بهذه الوعود من جديد فلماذا لا تحمل هذه المرة على صدق النية ؟! وهو ما سيضفي على الحوار حالة من الجدية والابتعاد عن الأحكام المسبقة التي تكبل استعداد الطرفين للتداعي إلى طاولة الحوار.

وفي الختام أعتقد أنه بخصوص ما يتوجب على الحكومة والنظام القبول به هو تقديم تنازلات أكثر من أي وقت مضى في مختلف المجالات التي تعتبرها المعارضة ضرورية لإنجاح هذا الحوار المرتقب وإخراج البلد من الأزمة عبر التشاور والتفاهم بهدف اتفاق الجميع على الإجراءات الكافية لضمان المصلحة العليا للوطن.

وفي ظل هذا الوضع يكون من الوجيه التساؤل عما إذا كان الحوار سيقع فعلا في ظل تبادل الاتهامات بين المعارضة والنظام حول فتح وقبول الدعوة للحوار، وذلك ما جعل المواطن البسيط لا يعرف أيا من الطرفين على صواب !! وأيهما حقيقة هو العقبة دون تقدم مراحل الحوار المطلوب ؟؟!!