الحرب مع الإرهاب بتعدد مصادره هي كما قال رئيس الجمهورية «حرب وجود». ومن غير المتصور ولا المقبول أن يستطيع هذا الارهاب اللئيم الخسيس أن يقضي على مصر وجيش مصر ولكن المعقول والمقبول «مهما طال الأمد» أن تقضي مصر وجيش مصر على هذا الارهاب بكل صوره ومصادره سواء كانت من الداخل أو من الخارج.
وهو يقيناً له مصادر في الداخل ومصادر في الخارج وليس أقل هذه المصادر خطراً في الداخل هو العقول المظلمة وليس أقلها خطرا من الخارج هي اسرائيل ومن وراء اسرائيل وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية للأسف الشديد. دعك من تركيا وغيرها فهؤلاء مجرد أدوات تؤمر فتطيع وتنفذ.
وعبارة «حرب وجود» عبارة خطيرة في معناها ومدلوها. هي حرب من يشنونها على مصر وعلى جيش مصر يقصدون لا مجرد ارهاب المواطنين الأبرياء وإنما يقصدون ما هو أبعد وأخطر من ذلك بكثير. لقد استطاعت تلك القوى «سواء من داخل بلاد الوطن العربي أو من خارجه» أن تدمر العراق وأن تدمر سوريا تدميرا يصعب في المدى القريب إصلاحه. العراق الدولة العريقة ذات الحضارة الضاربة في أعماق التاريخ تعيش بين نزاع سني وشيعي ونزاع كردي عربي وبنية هذا البلد الغالي الغزيز تهاوت تحت هذه الضربات وقد كتبت في هذا الأمر كثيرا حتى غضب مني رئيس الوزراء العراقي السابق «نوري المالكي» وما كنت أقصد اساءة إلى أحد بشخصه «وليس من طبعي ذلك» وإنما كنت أقول ما أقول خوفاً على العراق الحبيب وخوفاً على بغداد الغالية.
الذين يشنون الحرب الظلامية على مصر يريدون أن تلحق مصر بشقيقتيها العراق وسوريا ولكن هيهات لهم. إن الشعب المصري والجيش المصري أقوى «بعون الله وبإرادة شعب عظيم وجيش وطني متماسك» من ذلك كله. لاشك أن شعب مصر كله. عاش أياما حزينة بعد ذلك الحادث الوضيع الذي راح ضحيته ثلاثون من أبناء القوات المسلحة الذين هم فلذات أكبادنا. لا أذكر أن عيني أدمعت منذ وقت طويل إلا مساء ذلك اليوم الأغبر الذي علمنا فيه بذلك الحادث الجبان الذي لا أشك أنه من داخل سيناء ومن خارجها أيضاً ولا أعني بعض المأجورين من الفلسطينيين ومن يسمون أنفسهم «أنصار بيت المقدس» وهم في الحقيقة أنصار بيت الشيطان وبيت المقدس الذي بورك حوله بريء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب. ويقيناً وراءهم جميعا اسرائيل صاحبة المصلحة الكبرى في هزّ الكيان المصري. نعم هي حرب وجود وليست حرباً عارضة.
إن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية عقب هذا الحادث الغادر هي أقل ما كان يمكن أن يتخذ والأمل في تفعيل هذه الإجراءات وعدم التهاون بمرور الوقت. إنها حرب وجود فعلاً. وحسناً فعلت بإحالة كل جرائم الارهاب إلى القضاء العسكري الذي اعتقد أنه لن يستغرق وقتاً طويلاً في نظر هذه القضايا وأنه سيكون حاسماً من حيث الوقت ومن حيث العقوبات.
«ورب ضارة نافعة»، كما يقولون فقد أدى هذا الحادث الجبان إلى التفكير الجدي من قبل السلطات في عملية «محدودة» لإعادة توزيع السكان المقيمين على طول خط الحدود مع قطاع غزة. وأقول هي عملية محدودة وليست عملية تهجير وذلك حفاظاً على أرواح المدنيين. وقد صاحب ذلك كله تحرك دولي واسع لدعم مصر في مواجهة هذا الارهاب الذي لن يترك شعبا آمنا ومن أوضح هذه التحركات ما صرح به وزير الخارجية سامح شكري من أنه سيتم الاتصال بجميع سفراء الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع مصر ولها سفراء في القاهرة وذلك لدعم مصر خلال هذه المرحلة سياسياً واقتصادياً.
كذلك ومن قبيل «ورب ضارة نافعة» أيضاً أن رؤساء تحرير الصحف المصرية سواء القومية أو غير القومية أدانوا جميعاً حادث «الشيخ زويد» وقرروا التوقف عن نشر البيانات التي تدعو إلى التحريض ضد مؤسسات الدولة. وهذا أقل ما يجب إلى أن يكشف الله هذه الغمة وإلى أن تنتصر مصر وجيشها العظيم في هذه الحرب التي هي حقيقة «حرب وجود».