مقطع لحجار: قيادي بتقدم يحاضر عن "أزمة الدولة الراهنة"

خميس, 2015-11-26 07:22

في إطار الانشطة التي يقوم بها قسم اتحاد قوى التقدم بمكطع لحجار ، وبحضور جمع من الشباب والمهتمين بالشأن السياسي ، القى - يوم أمس الثلاثاء 24\ 11\ 2015 - الدكتور محمدو الناجي بن محمد بن احمد محاضرة تحت عنوان : "ازمة الدولة الراهنة" . 

وفي البداية أشار إلى أن استقلال البلاد كان اعرج ، لأنه " منحة ومنة " . وبعد الاصلاحات التي فرضتها الضغوط الداخلية وشجعها الوضع الخارجي ، تدخلت حرب الصحراء اللاشرعية فأتت على الاخضر واليابس وهزمت الجيش ، فانقلب على السلطة ذات المظاهر المدنية ، وتعاقبت الاحكام العسكرية على إدارة الشؤون من 1978 إلى غاية 2015 ، أي طيلة 38 سنة بمعدل اربع سنوات لكل حاكم تقريبا ، وكانت فترة الحكم المدني قصيرة جدا يمكن اسقاطها من الحسبان . ومن عادة الحاكم العسكري عندنا ان ينسف آثار من سبقه ويعمل على ان يكون الأول والأخير مما يؤدي إلي الارتجالية المفرطة مع القيام بإجراءات ذات طابع دعائي بحت للبقاء في السلطة مدة اطول .

وكان انقلاب 2008 من اغرب هذه السلسلة ، اذ كان ضد أول سلطة منتخبة بصورة ديمقراطية تشهدها البلاد لأول مرة شارك هو نفسه في انجاحها ، ثم ابقي على المؤسسات الديمقراطية بعامل الضغط الداخلي والخارجي . استمرت هذه المؤسسات شكلا ولكنها بقيت مجرد وسيلة لتبرير القرارات الارتجالية . والغرابة الأخرى أن الانقلابيين اعلنوا في أول تصريح أن دافعهم هو قرار العزل الذي اصدره الرئيس ضدهم ، وكانوا علي استعداد – كما قالوا - للتراجع عن جريمتهم اذا الغي مرسوم عزلهم ؛ ثم تحول دافع الانقلاب فجأة الى تصحيح للمسار الوطني والى مشروع كبير " يعيد تأسيس الدولة على قواعد سليمة ، تقضي على الفساد والرشوة والمحسوبية ، وتتكرس لصالح الفقراء والمهمشين كذا...كذا ... " 

ونتيجة للتخبط الابتدائي والغموض في الاهداف تعيش البلاد حاليا ازمة طاحنة علي كافة الصعد . 

في المجال السياسي

إذا كانت الاقطاب السياسية لا تتحاور عن طريق القنوات العادية ، وكان النظام عاجزا عن الاستجابة للاحتياجات الضرورية والملحة للمواطن ، وغير قادر علي مواجهة الضغوط الخارجية ، امكننا ان نقول علميا إن هناك ازمة سياسية تمر بها البلاد . ومن الواضح أن هذه العناصر متوفرة كلها في يومنا هذا . وقد بدأت هذه الازمة عندما انقلب العسكريون علي أول نظام ديمقراطي . استمرت الازمة وتطورت مرورا باتفاق دكار والحوارات الفاشلة التي جاءت بعده حتى الحوار الأخير الذي توقف عندما رفضت السلطة ان توثق ما التزمت به . وهذا ما أدي الى أن جزءا هاما من المعارضة قاطع كافة الانتخابات الاخيرة ؛ وحتى أن عناصر المعارضة التي شاركت في الانتخابات ، اعلنت وبشكل صريح أن الازمة لم تحل . اضطر النظام الى الاعتراف باستمرار الازمة وان بأساليب ملتوية . 

وفي المجال الاقتصادي

عندما نتحدث عن ازمة اقتصادية فعلينا - كما يقول الاقتصاديون - ان نراعي العناصر التالية : معدل النمو - مستوي البطالة - نسبة المديونية - ميزان المدفوعات .    

 فأما معدل النمو الاقتصادي فلا يتعدى اليوم 3,1 في المائة ، بينما يصل معدل النمو السكاني الى ٣،٥ فالمائة مع أن نسبة النمو الاقتصادي تتأتي من القطاع المعدني الذي لا يدخل أساسا في الدورة الاقتصادية الداخلية . وأما مستوي البطالة فيتجاوز ٦ بالمائة المسموح بها اقتصاديا ليصل الى اكثر من ثلاثين بالمائة حسب آخر الاصدارات . وقد ارتفعت المديونية بنسبة 80 بالمائة في السنوات الأخيرة لتتجاوز الخطوط الحمراء . وتكرر العجز في الميزانية في الفترة الأخيرة مما أدي الي تقديم اكثر من ميزانية معدلة في السنة الواحدة .

ويصل مستوي التضخم الى درجة كبيرة كما يظهر في الارتفاع المذهل والمضطرد في الاسعار ويمس جميع المواد الضرورية والكمالية على حد سواء . 

وإذا نظرنا بعجالة الى هذه العناصر ، استطعنا ان نحكم علميا بأن الدولة تعيش ازمة اقتصادية لا يجوز لأحد ان يماري فيها او يكابر في وجودها . ولو احسن التصرف في الطفرة التي عرفتها اسعار المعادن لاستطعنا ان نخفف من الازمة ولو مؤقتا . إلا أنه تم تبذير الاموال الضخمة بصورة غير مدروسة وغير مشروعة . والمعلومات التي يتم تداولها عن البنك الدولي إنه متشائم من حالة الاقتصاد الموريتاني ويتحدث عن شروط قاسية ضرورية لإعادة التوازن الى اقتصادنا المنهار ! ؟ 

وفي المجال الاجتماعي ، تبلغ البطالة حدا قل ان تصله في اي دولة ، اكثر من 30 بالمائة والأسعار مرتفعة بصورة صاروخية ، حتى الوقود الذي انخفض عالميا بدرجة كبيرة 45 دلار للبرميل يحافظ على سعره عندنا بحجج لا يصدقها أحد ؛ كان المواطن يشتريه رخيصا نسبيا عندما كان سعر البرميل يتجاوز 100 دولار ويشتريه اليوم اغلى عندما اصبح سعر البرميل لا يتعدى ال 45 دولارا . ونتيجة لذلك الانخفاض عمدت دول العالم ومن بينها دول الجوار الي تخفيض الأسعار . 

وقد أدت هذه الوضعية إلى شن العديد من الاضرابات المؤثرة في كافة الشركات العامة والخاصة وتم حتى الآن تسريح ما يزيد على 600 عامل . وإذا كان ما قلناه صحيحا فلا يبالغ من يقول إن هناك أزمة اجتماعية خطيرة تنذر بالانفجار إذا لم يتم علاجها بصورة جذرية وسريعة . 

وقد ارجأ المحاضر الحديث عن الأزمة في الميدان التعليمي والأمني والدبلوماسي والأخلاقي الى مناسبة أخري .

وفي الأخير ، رأى المحاضر أنه إذا لم يتم علاج هذه الأزمة المتعددة الجوانب بصورة جذرية وسريعة ، فان البلاد تتجه الي مصير مجهول .

الأمانة الوطنية للإعلام