مشاهير سنة يلطمون في «عاشوراء»

خميس, 2016-01-14 21:22
لينا أبو بكر

«لماذا يلقون القبض عليهم، أليسوا أتباع سيدنا علي وسيدنا الحسين»؟ هذا السؤال ورد بلهجته المصرية على لسان (زهرة العلا) في مشهد مع (نور الشريف) في فيلم من إنتاج العقد الماضي، وهو مشهد مكررعلى لسان (جيهان فاضل) في فيلم حديث بعد إلقاء القبض على مجموعة من الأشخاص بتهمة الإنتماء للشيوعية، ونظرا للمستوى الثقافي المتدني للشخصيتين في المشهدين، فإن الالتباس الذي وقعتا فيه بين الشيعية والشيوعية مبرر بالتأكيد .
الغريب في الأمر أن هذين المشهدين تم تنزيلهما على «اليوتيوب» في فيديوهين منفصلين تحت عنوان موحد: انظروا كيف تروج السينما المصرية للطائفة الشيعية»!
قبل فترة تلقيت رسالة بقائمة لأهم المشاهير الشيعة العرب في عالم التمثيل والغناء، مرفقة بتعليق مفاده: «احذروا هؤلاء، فوطنهم خميني»! أعادتني إلى أيام طفولتي في الكويت، حيث تذكرت الفنان الكويتي القدير «عبد الحسين عبد الرضا»، الذي كان بطل أحلام الفتيات في مواسم تفتح القمر، أضع صورته في دفتري وأمشط شاربيه برموش العينين، قبل أن تلقي القبض علي معلمة التربية الإسلامية، التي نهرتني قائلة: هاظ إيراني مش كويتي يا مهابيل، شوفوا إيران كيف تلهو بعقول صبايانا… يعدمني إياكن»!
في تلك الأيام كان ذكر اسم إيران يؤدي إلى مجهولين: فإما التهلكة وإما التهلكة! ألقيت الصورة في القمامة وكل أسئلة الكون تدور في ذهن صغير بحجم حبة عنب آثمة قبل عمر القطاف: فلماذا أتنازل عن بطلي في الوقت ذاته الذي تتوجه الكويت بطلا كويتيا على عرش الدراما العربية؟!
مع الزمن سأكتشف أن كل شيعي في نظر البعض في بلادنا هو إيراني، حتى لو كان عربي الدم واللسان، فهل هذا يعطينا أو يعطي الشيعة الحق لتغليب الإنتماء الطائفي على الإنتماء الوطني؟ 
لا أخفيكم تفاجأت من قائمة المشاهير الشيعة، الذين لم أكن أعرف طائفتهم الكريمة من قبل ولم أهتم بالسؤال عنها، ولم أدرك عددهم وما أكثرهم في بلادنا، فهل نقلق، أم يطمئنون؟

سنيو «عاشوراء»

طوني خليفة في برنامجه السابق «أسرار من تحت الكوبري»، حاجج الممثل أحمد ماهر بعد الضجة، التي أثارتها زيارته برفقة بعض زملائه من الوسط لمقابر قوات الحشد الشعبي في العراق، وهي قوات طائفية نشأت بعد إصدار المرجع الشيعي «علي السيستاني» فتوى لتحرير العراق من «داعش»، وتتعنصر لأفرادها الشيعة، في حين تتلقى الفضائيات العراقية يوميا على الهواء عشرات الشكاوى من الأهالي عن الأعمال التخريبية لهذه القوات التي تنهب وتسفك الدم على الهوية الدينية، وتبث الرعب في نفوس المواطنين، وكل هذا لا يقل عن إرهاب «داعش»، فكيف يمكن للإرهاب أن يكون مُحرِّرا من إرهاب آخر؟
الغريب في الأمر التناقض الذي يجد فيه البعض ملاذا لتبرير ما يرتكبونه من فرقعات دعائية وراءها أهداف مخيفة تحركها عصابات دينية تعمل على إذكاء فتيل الفتنة لأنها لا تريد أن يكون احترام الطوائف مبدأ أو سمة بقدر ما تتخذ من هذا المسعى قناعا لأغراض سياسية قذرة، وهو ما أثبته طوني خليفه في حواره مع أحمد ماهر لما سأله: هل أنت شيعي؟
أجاب: لا! ولما استنكر خليفة أن يزور سنيا مقابر الشيعة، انتفض ماهر محتجا على هذه التفرقة العنصرية بين المسلمين، فهل هي فعلا تفرقة؟ أم احتجاج على نفاق متنكر بالخوف من إعلان فصيلة الفنان الطائفية؟
انظر إلى حنان شوقي، التي تقع في خطأ ديني صوبه طوني المسيحي لها، حين اعتبرت الحسين شفيعا للمسلمين، فردها خليفة قائلا: لا شفيع يوم القيامة سوى النبي محمد عليه السلام، وليتها توقفت عند هذه التخبيصة، لكان أرحم للشفاعة، فقد اعتبرت الحاجة «شوقي» أن الحسين (منو وفيه) بالتالي يحق له ما يحق للنبي، يا دي المصيبة السوحة! من أين يأتي هؤلاء بكل هذه البلاهة يا الله؟!
أدرك خليفة حجم الجهل، فتجاهله مسائلا زميلها: هل سيأتي يوم على الإعلام بعد هذه الزيارة يشهد على مشا ركة فنانين سنة للطم في ذكرى عاشوراء؟ بينما يحرم الأزهر أداء الشخصيات الدينية، يصر «ماهر على تأدية إحداها كرمى للشيعة؟
أيها المشاهد اربط الحزام، وأنت تسمع فتوى الإمام أحمد ماهر، الذي قرر أن يحترم قرار الأزهر فيؤدي الشخصية خارج مصر! مدد يا شيخ ماهر مدد!
احتج طوني على ذلك لأن الدين لا يرتبط ببلد إنما بعقيدة لا تتغير بمجرد مغادرته، وهو ما يثبت أنك لا يمكن أن تغير وطنك ودمك ونسبك بناء على طائفتك، ما يحتم عليك احترام جميع الطوائف في سبيل الوحدة الوطنية لا العكس، حتى لو اضطرك الأمر لترجيح عروبتك على طائفتك درءا للفتن التي لا تبقي ولا تذر .

مجاملة دينية

لقاء طوني بماهر يثير عددا من التساؤلات الاستنكارية، فمن المسؤول عن اعتبار العرب الشيعة إيرانيين؟ السنة أم الشيعة أنفسهم؟ أم الإعلام؟ وهل ثقتنا مهزوزة بسنيتنا إلى الحد الذي نخاف به من حرية الطوائف أم ثقتنا بنوازع إيران الطائفية أكبر؟ ألا يعلم الشيعة العرب أنهم مجرد ورقة بيد إيران وأن عروبتهم أحق وأولى بهم من طائفتهم؟ ثم حين تتحول زيارة مقابر الشيعة مجاملة دينية على حساب المحاذير الشرعية، ألا يذكرنا هذا بزوار حائط المبكى في دولة الاحتلال؟ ولما تصبح إيران دولة بمعايير انتماء دينية وهوية طائفية كالدولة اليهودية، ألا تكون قد ظلمت الشيعة الذين تتعدد منابتهم وأصولهم، التي لا تعترف بها إيران وتنكرها عليهم إذ تزج بهم في خانة السجون الطائفية، أليست هذه عقيدة الصهاينة الذين يستغلون الدين للدولة !

«سلم لي على النزاهة»!

كنت حدثتكم مرة عن ضيف طوني خليفة «محمد علي بلال»، رئيس القوات الحربية المصرية الأسبق ومستشار صدام في حرب إيران، وقائد القوات المصرية في حرب «الخليج الثانية»، وقد أعلن ندمه على تلك المشاركة طوبى له، ورأى في حقبة تساقط الجيوش هذه التي نعيشها نتيجة طبيعية بعد أن أسقطنا الجيش العراقي بأيدينا، وينضم إلى معسكره الكثير من الخبراء العسكريين والإعلاميين الذين يتغنون بمواقفهم الشريفة التي أدانت الحرب وقتها، وحذرت من كوارث تنجر على الأمة على إثرها، لكن ما نستغربه حقا أن يقف كل هؤلاء الآن في خندق إيران ويغضون الطرف عن آلاف السنة الذين قتلتهم في العراق، بينما يمسحون دموع تماسيحهم أسفا على النمر، الذي يرفض أهله أن يُتاجروا بدمه لمصالحهم الشخصية؟
لماذا بدل هؤلاء أكتافهم وبنادقهم؟ لماذا يتخذون من مناهضتهم للحرب ضد العراق شهادة حسن سلوك تمكنهم من التحريض على السعودية؟ ألا يدل هذا على أنهم يقومون بدور قوات التحالف العربية نفسه في حرب الخليج وهو الدور الذي أدانوه؟ فالتحريض على دولة عربية والدعوة لإسقاطها تذرعا بحقوق الإنسان في السعودية هو السبب ذاته الذي تذرعت به السعودية في حربها ضد العراق، فلماذا يدينون من يكررون هم غلطتهم الآن؟!
سلم لي على النزاهة إذن! فلم يكن خوفهم على العروبة ولا الجيش العراقي ولا الشعب العراقي هو السبب تبعا لكل ما ذكرنا، بل كانت لهم مآرب أخرى ومصالح أخرى، ويبدو أنهم يغيرون مواقعهم على الجبهات تبعا لجيوبهم لا لضمائرهم أو عقولهم، فإن كانت السعودية سببا بالوجود الإيراني في العراق – كما يهللون صبحا ومساء – فإن انحيازهم للخندق الإيراني تدشين لدورها ومباركة له بل إنهم يفوقونه جرما، لأن خطيئة السعودية لن تكون أبدا مبررا لهم لارتكاب وإباحة ما يحلو لهم من أخطاء !

مرايا مشوهة لوجه عربي ممزق

لن تحتاج إلى ضحاياك لكي تحزن عليهم، فقد أوجدتهم لمهمة أكثر إلحاحا، وأهمية، ألا وهي مناكفة أعدائك بهم في حرب النكايات والكيد العربي، فمن يجرؤ على الحديث عن ضحايا مضايا، يجد ضحايا اليمن له بالمرصاد، ومن يجرؤ على نشر حبال مشانق العراقيين السنة يجد مشنقة نمر النمر بانتظاره أمام محكمة الجنايات الدولية، وتعال اتفرج: عرب تتطاوش مع عرب، فغساسنة ومناذرة وفرس وروم وعثمانيون وخونة ومرتزقة وجبناء يتباهون بذخيرة أبناء عمهم ولا يطلقون رصاصة عرس واحدة في الجوار المغتصب، ولاعقو أحذية وقاطعو رؤوس وماغوط واحد يطلق صرخته من ضمير عربي ميت في وجه المرايا السوداء: (شجاعتي بعدد أسلحتي، وترددي بعدد جبهاتي)، فماذا ستقول بعد هذا؟ ليس أمامك سوى أن تبكي لله وتقهقه على أمة ضحكت!