تعتزم الحكومة الفرنسية الإسهام بـ»حزم» في التحرك العسكري الدولي المزمع تشكيله ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في ليبيا. وتتزامن هذه الرغبة مع إنشاء حكومة وحدة وطنية في ليبيا بقيادة رئيس الوزراء المكلّف فايز السراج، وازدياد المخاوف من تنامي قوة ونفوذ التنظيم على الأرض، لا سيما بعد تمكنه من السيطرة على مدينة بن جواد، وهي من المدن التي توجد فيها أكبر المنشآت النفطية.
ووفق تقارير نشرتها صحيفة «لا فيغارو» فإن الرغبة الفرنسية في التدخل العسكري تهدف إلى «منع حركة التنظيم من التمدد في مدينة سرت، وتوقيف تهديده للمنشآت البترولية»، مشيرة إلى أن التحرك «سيكون برياً وجوياً، على حدّ سواء، وستشارك فيه دول أوروبية عدة بقيادة إيطالية وبدعم لوجستي أمريكي»، وهدفه «تأمين المنشآت النفطية، في ظلّ توقعات وزارة الدفاع الفرنسية بشأن ازدياد مخاطر تمدُّد التنظيم نحو آبار النفط».
ولفتت الصحيفة إلى أن «فرنسا تحاول جرّ بريطانيا إلى صفها، بالإضافة إلى دول الخليج وشمال أفريقيا (الجزائر تونس ومصر) في مخططها للتدخل العسكري». وأضافت أن حوالى ثلاثة آلاف مقاتل من تنظيم «الدولة» صاروا الآن في ليبيا.
وكانت صحيفة «لوموند» نشرت تقريراً أكدت فيه حسم باريس أمرها بشأن التدخل العسكري في ليبيا، موضحة أن «الإعداد جار على قدم وساق»، بعد أن بات التنظيم الإرهابي يشكل تهديداً جدياً لأوروبا.
وعلى الرغم من أن الحكومات التي تعاقبت على «الإليزيه» أعلنت فشل تجربة «فرنسا كشرطي أفريقيا»، إلا أن الرغبة الفرنسية في التدخل الخارجي تضاعفت. ويرى مراقبون أن الوجود العسكري الفرنسي في غرب وشمال أفريقيا له أهداف تتعلّق برغبة باريس في ترسيم حدود مناطق نفوذها في مستعمراتها السابقة.
ويعكس اهتمام فرنسا بليبيا على خلفية أنها الدولة التي تعدّ البوابة الرئيسية لدول غرب أفريقيا خاصة النيجر، رابع منتج عالمي لليورانيوم، حيث تملك فرنسا مناجم كثيرة فيها وتهتم بحمايتها، ويمكن وفق خبراء، أن يكون هذا الأمر الرئيسي الذي يدفع فرنسا إلى الوجود بقوة عسكرياً في محيط حدود النيجر، إضافة إلى استفادة فرنسا بأفضلية تجارية واسعة في ليبيا، فهناك اتفاقات ما زالت قيد التفاوض مع الحكومات الليبية المتعاقبة في مجالات النفط والملاحة الجوية، بالإضافة إلى توريد طائرات إيرباص «ايه 320» للجيش الليبي.
ووفق معلومات «لافيغارو» فإن «خلية أزمة» تعمل على قدم وساق منذ أشهر، على تحضير المشاركة الفرنسية في الخطة الأوروبية في ليبيا، وتعتمد هذه الخلية على «صور وتقارير لسلاح الجو الفرنسي الذي يقوم بطلعات منتظمة في سماء المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وعلى المنشآت النفطية التي ستتكلّف القوات الأوروبية الخاصة بحمايتها وتأمينها».
ويثير سيناريو التدخل العسكري الجاري مخاوف كثيرة، حيث تزداد الأصوات الرافضة له في ليبيا داخل معسكري الانقسام، مثل نوري بوسهمين وعقيلة صالح، للسير بما هو مرسوم له سياسياً تمهيداً للتدخل عسكرياً، فضلاً عن وجود دول إقليمية تحاول إنجاح أشكال عدّة من لقاءات الأطراف الليبية، أكان في مالطا أو في تونس.