في أزمة الاتحاد الاشتراكي المغربي

أحد, 2014-11-16 01:09
عبد الصمد بن شريف

في مناسبات عديدة، يتحول الوجه اليساري والوطني المغربي، عبد الرحمن اليوسفي، المستقيل من قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي قاد حكومة التناوب التوافقي في المغرب بين 1998و2002، إلى بؤرة مركزية ونجم يغطى على الحدث الذي يأتي للمشاركة في صنعه، أو المساهمة في إضفاء مسحة من الجاذبية عليه. وبلغة أدق، يسرق اليوسفي الأضواء، ويجعل الكل يتلفت إليه بشكل عفوي وتلقائي.

في احتفال حزب الاتحاد الاشتراكي بمرور نصف قرن على تأسيسه، حيث أراد أن يجعل من الحدث دليل إثبات على تاريخيته وتجذّره، ورسالة سياسيةً على مناعته وقوته، كان اليوسفي مركز التظاهرة، خصوصاً في وقت أصبح فيه الحزب يعيش حالة ارتباك وغموض وفتور، وكاد أن ينزلق إلى الأسوأ، بعد سلسلة من الهزات والعواصف وصراع المصالح والمواقع.

كان الجمهور الذي حضر الاحتفال متنوعاً، وينتمي إلى فئات اجتماعية وعمرية وحساسيات فكرية وسياسية مختلفة. كان هناك خصوم الأمس الإيديولوجيون وحلفاء اليوم السياسيون، غير أن هذا الأمر لم يكن قادراً على رسم مسار آخر للحدث، فبدا واضحاً، منذ الوهلة الأولى، أن حضور اليوسفي سيلفت الأنظار وسيزعج قياداتٍ عديدة لا تحظى بالقدر نفسه من الشعبية والتقدير والإعجاب. كان الرجل في الحفل أشبه بقطعة مغناطيسية، لها قوة الجذب والتأثير، فالابتسامة الدالة على الثقة في النفس لا تفارقه، والجسد يمشي منتصب القامة، على الرغم من تقدم السن، والتفاعل مع الناس حاضر بقوة، والذاكرة متقدة، والاهتمام بالهندام لا تنازل عنه. وعندما يحضر الرصيد الأخلاقي والسياسي والنضالي للرجل، ويتضافر مع الصفات التي سبقت الإشارة إليها، ينحت من هذه المكونات صورة قائدٍ، يملك سلطة الكاريزما وقوة الأخلاق والقدرة على إحراج العقل السياسي والحزبي، عندما يتعلق الأمر بالمواقف الحاسمة.

تكرر الشيء نفسه، في رحيل الإعلامي والسياسي اليساري، أحمد الزيدي، الذي توفي يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بشكل تراجيدي، عندما غرقت سيارته في أحد الأودية. فقد تحول اليوسفي في مختلف التظاهرات التي صاحبت هذا الحدث المؤلم إلى ملجأ رمزي لجزء كبير من مناضلي الاتحاد الاشتراكي وأنصاره، علماً أن الرجل متقدم في السن، ويخفي داخله خيبات أمل كثيرة.