حربنا مع صهيون

أحد, 2014-11-16 20:55
فاطمة ناعوت

سأقطع هذا الأسبوعَ سلسلة مقالاتى حول التعليم فى مصر: (كأننا نتعلم)؛ نظرًا للحرب التى تخوضها مصرُ اليوم، على أن أستأنفها لاحقًا.

هل شاهدتم الڤيديو القمىء الذى أبكى وجهَ مصر؟! هل شرخ صدورَكم مشهدُ رفع علم الموت الأسود على دبابة مصرية؟! هل أدمى قلوبَكم مرأى ضباع الإرهاب تسرقُ ذخائرَنا وتقتل جنودنا ذوى العزّة؟ حسنًا، وبعد؟! هل مازال ثمة أحدٌ ثقيلُ الفهم، بطىء الإدراك، لا يصدّق أن مصرَ تخوضُ الآن حربًا حقيقية هى الأبشع فى تاريخها، تهونُ إلى جوارها حربُنا النبيلة مع أبناء صهيون؟

حروبنا مع صهيون كانت حروبًا نظاميةً لها قواعدُها ومفرداتُها، كما يقول كتابُ الحروب. لهذا أبدع فيها جيشُنا العظيم، وانتصرنا. وما مفرداتُ الحروب؟ جبهةُ حرب واضحة المعالم- خصمان واضحان ينتمى كلٌّ منهما لفصيل مختلف، لكلٍّ وجهٌ معروف، وزىٌّ معروف، وعَتاد، وخُطّة حربية لكل طرف. أما حربنا مع الإرهاب فلا تتبع أيًّا مما سبق. فالوجوه عربيةٌ، واللسانُ عربىٌّ والزىُّ غيرُ نظامى، ولا خطة عسكرية مما يمكن الرجوع إليه فى المراجع. والأخطر، لا جبهةَ محددةً مما تسميها أدبياتُ الحروب: ساحة الوغى. إنما يخرج عليك العدوُّ من ظلمات الأنفاق إلى دروب المدينة، يفجّرون ويقتلون ويسرقون. فهل ثمة من لا يدرك، لم يزل، أننا نحتاج إلى قرارات استثنائية كتلك التى تُسنُّ فى لحظات الحروب؟ هل ثمة من لا يعترف، لم يزل، أن جيشنا الجسور يحمينا من أهوال تفوق قدرة العقل على تصورها؟!

تعيشُ بلادُنا الكريمةُ لحظةَ عسرة، تتطلب منّا أن نصطفَّ جبهةً واحدة صلبة، وراء جنودنا. هى اللحظةُ الأشرس والأكثر خسّة من بين لحظات مواجهاتنا مع أبناء صهيون.

حربنا مع الإرهاب حربٌ غير نبيلة. حيث خصمُك ابنُ جلدتك يشبهك فى الشكل واللسان والهوية والزى، لكنه لا يشبهك فى الخُلق والإنسانية والشرف، لأنه فاقدٌ لكل ما سبق من قيم. يثبُ عليك كالجراد، ويزحف كالديدان. حرب شوارع لا يجيدها إلا أبناء العصابات الارتزاقيون. لا يواجهك كما يليق بالرجال، رجلا لرجل، بل يختبئ فى الأنفاق كما الحريم فى الخدور. ثم يقفز مثل ضبع وهو يغطّى وجهه ببرقع مثل النساء، مقتدين بسيدهم ومرشدهم «محمد بديع» حين اعتمر نقابَ امرأة فى اعتصام رابعة المسلّح. يحتمون وراء لواء الدين، والدينُ يلفظهم والإنسانية بريئة من سوأتهم.

إنها اللحظةُ الأهمُّ والأخطر فى مدونة تاريخنا ومصير مستقبلنا. لم تعد مِنّة أو مَكرمة منا، بل حتمٌ وواجب مقدس علينا جميعًا كمصريين. أن ندعم جيش بلادنا، بكل سُبل الدعم الممكنة، كما دعم آباؤنا وأمهاتُنا وأجدادُنا وجدّاتنا جيشنا الفادى المُفدّى فى حروبنا ضد صهيون منذ ٤٨ وحتى ٧٣؟! اللهم انصرْ مصرَ موطئ الأنبياء، وجيشَ مصر العظيم.