المغرب يرفض استقبال الأمين العام للأمم المتحدة

اثنين, 2016-02-22 13:53

تثير جولة مغاربية مقرر ان يقوم بها، في الأسبوع الأول من آذار/ مارس المقبل، الأمين العام للأمم المتحدة تتعلق بالنزاع الصحراوي، إرباكاً في تسوية هذا النزاع، بسبب الحسابات المتباينة لدى كل طرف من أطرافه، حول توقيت الجولة وارتباطها باستحقاق مهم في مجلس الأمن الدولي في نيسان/ إبريل المقبل. 
وقالت مصادر الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، سيحل في الجزائر يومي 6 و7 آذار/ مارس المقبل قبل أن يتوجه إلى مخيمات تندوف حيث التجمع الرئيسي لجبهة البوليساريو، للتباحث حول قضايا عدة ضمنها ملف الصحراء، وذلك أسابيع قليلة قبل تقديم تقريره السنوي حول تطورات الصحراء إلى مجلس الأمن الذي يعقد دورة اجتماعات سنوية، في الأسبوع الأخير من نيسان/ إبريل المقبل، يصادق فيها على التقرير ويصدر قرار تمديد بعثة الأمم المتحدة في المنطقة (المينورسو) لسنة أخرى. 
وإذا كانت الجزائر وجبهة البوليساريو ترحبان بزيارة بان كي مون فإن المغرب يتحفظ عليها او على الأقل على موعدها، لذلك اعتذر عن عدم استقباله. ونقل موقع «اليوم 24» المغربي عن مصادر دبلوماسية مغربية، أن جولة بان كي مون الحالية لن تشمل المغرب وسيكتفي بزيارة الجزائر وموريتانيا بدون المغرب الذي سيزوره زيارة مستقلة في شهر تموز/ يوليو المقبل.
وقال بيان رسمي لوزارة الخارجية الجزائرية أول أمس الأحد إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيقوم في السادس من آذار/ مارس المقبل بزيارته الأولى إلى الجزائر التي ستكون مخصصة للنزاع في الصحراء الغربية.
وقالت إن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة كانت مدار بحث السبت في العاصمة الجزائرية بين وزير الخارجية رمطان لعمامرة والمبعوث الشخصي لبان كي مون إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس خلال «محادثات تطرقت إلى قضية الصحراء الغربية وآفاق تسويتها والتحضيرات لزيارة الأمين العام الى الجزائر يومي 6 و7 آذار/ مارس المقبل».
وبدأ كريستوفر روس جولة مغاربية منذ يوم الخميس الماضي، توليها الجزائر وجبهة البوليساريو اهتماماً كبيراً، في الوقت الذي تتجاهل فيه الرباط، التي من المتوقع ان يزورها بعد زيارة موريتانيا، روس وزيارته، وهي التي لا تشعر بارتياح له ولمواقفه من النزاع وتتهمه بالتحيز وعدم الموضوعية، وطالبت في وقت سابق بإعفائه من مهمته. 
وقالت الأوساط الدبلوماسية المغربية إن المغرب يتابع بحذر جولة روس في المنطقة. وأشارت الى انه في الوقت الذي حل فيه روس في مخيمات تيندوف يوم الخميس الماضي كان ناصر بوريطة، الوزير المنتدب لدى وزارة الخارجية، والعارف بخبايا العلاقات الخارجية، يوجد بالعاصمة مدريد للتباحث مع الإسبان حول التطورات الجديدة في قضية الصحراء، وملفات أخرى.
والتقى روس يوم الجمعة الماضي في مخيمات تندوف بكل من عبد القادر الطالب عمر، القيادي بالبوليساريو، وخطري أدوه، رئيس وفدها المفاوض، قبل أن ينتقل إلى العاصمة الجزائر، حيث التقى وزير الخارجية والتعاون الجزائري، رمطان العمامرة، وكشفت مصادر إسبانية أن المباحثات تركزت حول التحضير للزيارة المقبلة لبان كي مون إلى الجزائر.
واكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري عبد القادر مساهل «موقف الجزائر الثابت من أجل تسوية سياسية «عادلة ومستديمة» تضمن للصحراويين حقهم في تقرير المصير.
وقال بيان آخر لوزارة الخارجية الجزائرية إن مساهل الذي استقبل المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس الذي يجري زيارة الى الجزائر في إطار المشاورات المنتظمة التي يعقدها بغية التوصل إلى تسوية النزاع في الصحراء الغربية جدد دعم الجزائر لجهود الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي من أجل بعث مسار التسوية السياسية لمسألة الصحراء الغربية.
وأبرز مساهل مسؤولية الأمم المتحدة «الأولى والتامة» إزاء التسوية النهائية للنزاع على أساس احترام القانون الدولي وتوجه الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار. وشدد على «حق» الصحراويين في الإدلاء برأيهم بحرية بشأن مستقبل أراضيهم من خلال استفتاء تقرير المصير كما تقره قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ودعا مساهل الأمم المتحدة إلى «أخذ موقف الاتحاد الأفريقي بعين الاعتبار والموقف الذي تبنته هيئات الاتحاد الأوروبي بخصوص هذه المسألة».
وقال باحث مغربي مهتم بشؤون الصحراء ان كريستوفر روس يعتمد في زيارته الحالية إلى المنطقة تعاملاً جديداً مع طرفي النزاع حول الصحراء بخصوص ردودهما حول الأفكار والمقترحات الجديدة، والتي يبدو أنها تتجاوز إطار 2007، ومبادرتيهما، إذ اقتصر في ظل توقف المفاوضات المباشرة بينهما على أخذ ردودهما بنعم أو لا، وهو ما عبر المغرب عن أنه من وحي المكاتب ولا يراعي الواقع.
وقال في مقال نشر في المغرب إن هذا المعطى ليس جديداً في جوهره، بل هو إحياء لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة لسنة 2014، ومحاولة لتنفيذ التوصية 94 منه، فيما تضمنته من قرار سابق لمجلس الأمن، مفاده أن الوقت حان لاحتمال تدخل المجلس لمشاركة الأطراف في البحث عن حل، ومراجعة الإطار الحالي لإدارة ملف نزاع الصحراء، وهو ما جعل البوليساريو تعتبر نيسان/ أبريل 2015 قبل حلوله موعداً حاسماً.
واضاف أن جولة روس الحالية، قد تبدو روتينية، واستعداداً منه لتقديم تقرير المراجعة الدورية لمجلس الأمن حول الحالة في الصحراء في نيسان/ أبريل المقبل، وتهييئاً لمضمون التقرير الذي سيتضمن الحديث عن الأفكار الجديدة، ومدى تفاعل الأطراف معها، ورؤية مجلس الأمن بخصوصها.
وقال ان لجولة روس الحالية وبالموازاة مع اعتبارها ذات طبيعة تقنية، استعداداً للتقرير الذي ينتظر تقديمه لمجلس الأمن، فإنها تنطوي على هدف آخر، فهي بمثابة ترتيب للزيارة المرتقبة للأمين العام بان كي مون، بعد صدور توصية من مجلس الأمن تحثه على إجرائها؛ والتي سجل المغرب تحفظه على وقتها، إلا أن هذا التحفظ لم يكن كافياً لإلغائها أو تأجيلها.
وأضاف مثلما لا تملك الأمم المتحدة، وغيرها، إكراه المغرب على القبول بشمله بزيارة في وقت محدد مقررة من طرف واحد، لأن ذلك رهين بموافقته وقبوله، فإن المغرب في المقابل لا يملك منع الأمين العام من زيارة باقي الأطراف.
واكد ان مصادقة مجلس الأمن على قرار وتوصية تدعو الأمين العام إلى زيارة المنطقة والأطراف شخصياً، حسم في أمر فشل كريستوفر روس، الذي تيقن منه مجلس الأمن. فتحول روس من باحث عن الحل عبر تفاوض مباشر قائم بين طرفي النزاع إلى معرقل ومعلق للعملية التفاوضية، ومؤزم للعملية التي وافق عليها مجلس الأمن سنة 2007، كما تحول أخيراً إلى مبعوث يبحث عن جدولة زمنية عاجلة لزيارة الأمين العام بان كي مون.