
أبو العباس إبرهام
بدأت أحزاب اليمين الموريتاني تملأ الفراغ السياسي الذي خلَفه انسحاب المعارضة الديمقراطية (بفعل إحباطِها وبفعل تقلص المساحة الديمقراطية وتقلّص المساحة الانتخابية والتوافقية). وليست هذه التحولات السياسية غير تحولات اجتماعية أعمق، في الإعلام بدأت الفسبكة تحلّ محل الإعلام المحترف وتحوّلت كبريات الصحف إلى ناشرة ومتغذيّة على الفسبكة كما قامت أحزاب باكتراء صحافة صفراء لنشر رغباتها في العقول الضعيفة. وعلى مستوى الحكومة تمّ استبدال البيروقراطية المحترفة بطبقة من الزبناء.
في هذا السياق وُلد اليمين. وكالعادة وُلِدَ من ضآلة الفرص ومن الوثوقيّة التي يمنحُها لمناضليه الصغار، الذين أصبحوا يجدون ثقة في نشر تعاليهم الثقافي والعرقي. أعطى زعماء اليمين الثلاثة (والآن انضم إليهم دارتيان جديد) ثقة للعامة في تلفظ مكنوناتهم العرقية ومطابقتها بالوطنية. ولقد تمّ فعل هذا بموجة عداء للتفكير. وهكذا وُلِدت حميات متعصبة. وقد غذّاها الإعلام المعتال على الإعلام الاجتماعي. ونجح هذا الاعلام في نقل صراعات الأصولية والعِرقية إلى الواجهة. وقد شارك علماء غير معروفين بحصافة مواقفهم السياسية في هذه المعمعة بفتاوي تكفيرية شهيرة.
فات الأوان على أي عملية قيصرية. وهاهو اليمين متطوِّساً، زاهياً بألوانه، ينظر إلى نفسه في المرآة بخيلاء ويسألُها من أجمل منه. ومع صفير جمهور المعجبين زادت رغباته بالتحزب والحديث في الأمور الكبيرة والتجالد. بكلِّ واد بنو سعد، متهندمون، مستعدون، متزيِّنون، متسيِّفون.
ولكن وكما قال هتشكوك: "الجميع متأنِّقون ولكن لا مكان يذهبون إليه".
من صفحة الكاتب على الفيس بوك