طالعتُ في صحيفة أجنبية خبراً يقول إن شابَّاً يابانيا قام بإنشاء موقع، لا ينشر فيه سوى الأخبار السعيدة: الاكتشافات و الابتكارات و المصالحات و النجاحات، و الانتصارات، و كلّ ما بمقدوره أنْ يضع فرحةً و سروراً و ابتسامةً مشرقةً على وجه القارئ. لا مجال في موقعه للأخبار السيئة: الحروب، التوارات، الكوارث، الأزمات، و التفجيرات، و المفخخات، إلخ... و على خطى الشاب الياباني، شرع عدد من الإعلاميين في جمهورية السودان الشقيقة في تكوين مجموعة للأخبار السعيدة، تحمل اسم "إعلاميون ضد الإحباط". و قبل ذلك بفترة، كشف بعض الخبراء و المحللين عن قناعتهم بأن الشعوب في العالم الثالث، بحاجة لما يدعم صبرها و صمودها في مواجهة سيل الأخبار السيِّئة التي تحملها نشرات الأخبار و الصحف و المواقع و شبكات "التواصل" الاجتماعي...الصحف السياسيَّة تتوعد الناس بالتفكك و التشظي، و المجلات الاقتصادية تنذر بخطر الكساد و الخراب، و الدراسات الاجتماعية تبشر بالانهيار الأخلاقي، و الأخبار الرياضية تزف الهزائم...الإعلام كلّه يضطر شعوبنا على أخذ جرعة من المحبطات صباحا و مساء!
فعلاً، على الإعلام أنْ يُبصِّر بالمخاطر، و أن يضع إصبعه على مواضع الوجع، و يشير بقوة إلى مراكز الخلل و القصور، و يبتعد عن الأكاذيب و الأوهام. ولكن في المقابل، يجب عليه أن يسهم في محاربة اليأس و مقاومة الإحباط و زراعة الأمل بالبحث عن الأخبار السعيدة و نشرها خارج الصفحات الإعلانية و البرامج الترفيهية. في العالم الثالث يندُر أنْ تجِد إعلاميا أو سياسيا له رغبة أو مقدرة على إنتاج أفكار نيّرة و مشرقة، تُسهم في حل المشكلات و الأزمات. مُعظَمُهم بارعون في الهدم و نسْج الأوهام، و عاجزون عن صناعة الأحلام و إنتاج الأفكار. و المشكلة هنا ليست في السياسيِّين و الإعلاميين كأشخاص، ولكن في الثقافة السياسيَّة السائدة التي تجعل الحاكمين في كل العهود و من معهم، يزيِّنون الواقع بالأكاذيب و وعود السراب وإنكار الحقائق، وإذا سايرتهم الصحافة؛ فقدت أعز ما تملك و هو مصداقيتها. و في مقابل ذلك، المعارضون في كل العهود يراهنون على استثارة غضب الجماهير وغيظهم، بتكثيف نشر الأخبار السيِّئة، وتبخيس إنجازات الحكومة.
تمنياتي للشاب الياباني و للمجموعة السودانية التي قررت أن تساعد في نشر الأخبار السعيدة لمقاومة "ثقافة التحبيط" أن تنجح في مسعاها الحميد. كما أتمنٌى أن ينحو بعض شبابنا هذه الوجهة عازفا على وتر الأمل و التفاؤل و الرجاء و الأخبار السعيدة و صناعة السلام والأحلام. أتطلع لأن أرى اليوم مواقع و صحف و حسابات على الفيسبوك و على "تويتر" متخصصة في البحث عن الأخبار السّارة في أي مجال من مجالات الحياة و نشرها لتحمل إلينا ما تيسّر من فرحة و سرور و تزفّ لنا البُشرى...و تساعد شعبنا على مقاومة سيل الأخبار السيّئة...أيكم يبدأ، أيها الشباب ؟
نقلا عن صفحة الكاتب