عن النذل

اثنين, 2016-08-15 09:43
أبو العباس ابرهام

مكانة النذل عندنا محفوظة ومصانة. وحقوقه عندنا هي حقوق الجار. ولو جاءني النّذل مستديناً لأدنتُه (بضمانات طبعاً). ولا يُحرَم النّذل عندي من الإمامة. وله عندي، إن لقيته، تحيّة. لا أضمن الابتسام في كلِّ مرّةٍ لنُكتَتِه ولكنّني أضمن مجلساً متحضِّراً. قد أتحاشاه مسبقاً وإلاّ فإن للمجلس آداباً وحُرمةً، و- وهذا ما ينساه- وداً. إلا أنّه "لا خير في ودِّ امرئ متملِّقٍ".

على أنني لم أطلب منه دعماً. ولم أطرق بابه بُغية مؤازرة. ولكم أزعجتني أمداحه، إذ "ليس هنالك أسوأ من أن تتلقّى المديح من وغد". لم أطلب منه نفاقاً. كان هتلر يتوعّدُ بأنه سيفرضُ النفاق على أعدائه. أنا، بالعكس، لا أفعل بنفاق النذل شيئاً. وأفضل الأحاديث عندي: "لا ينبغي للمرء أن يُذلّ نفسه".

" إنني لا يُقعقع لي بالشنان ولا يُغمز جانبي كتغماز التين". وما أطلبه من النذل أن يكون عدواً حقيقةً، لا أن تكشِفه فقط لدغاته. ثمّ يعودَ إلى نفاقه. وابتسامته. أنا جامع آثار. ولكنّني لم أهتم هنا بحفظ ابتسامة الذئب. ومما يُنتقدُ هنا على "الذئب" أنه ليس ذئباً، وإنّما هو ذويبٌ أو ابن آوى أو ثعلب. وهو سارِقُ صفّة. ومُنتحِلُ هويّة. ومتنكِّرٌ بالاسم، وبالكذب، وبالانتحال، وبالجهالة. أنّى له شجاعة الذئب؟ وجرأة الذئب؟ ومرابطة الذئب؟

أحبّ المفاتحة والمسافرة، وفوق كلّ ذلك المبارزة. وإن التثمتُ عن عدوِّي فما ذلك إلاّ من الغبار. أو من الروائح. إذ قد أعادي الظربان. وفي غير ذلك وجهي- وآمل أن وجهه- سافر. هذا عالم الأفكار. ولقد كُتِبَ عليّ فيه القتال. سأحمي ثغوري.
_____

نقلا عن صفحة الكاتب