
ليس مشهد الرماح النواهل من دم عنترة ، و لا السيوف المتقاطرة من جسده ، اكثر تراجيدية من مشهد " الحرطاني الجريح ( المزدوف )" في ملحمة "اولاد احمد التاريخية"، و ليست "عبلة " اكثر فتنة او اغواء من " منت انزيبوه" ، كما ان عنترة نفسه ليس اقوى تصويرا من شاعرنا .. الحرب فتنة و المرأة فتنة، يقول احد شعرائنا عن المرأة التي دخلت عليه( الخيمة ) ( .... ول تعكب راص فتنة ول راص اخبار ...) .. العلاقة بين الأنثى و الحرب تتوغل بعيدا في المخيال الاجتماعي للثقافة الحسانية ، و هي علاقة تظهر بوضوح في "الهيكل الثقافي النشط" لثقافتنا، و في الحياة الاجتماعية المترتبة عليه و هو ما يشهد له الكثير من الأحداث الصراعية التي ما زلنا إلى اليوم نجد أن سببها أنثى، أو أنها على الأقل فاعلة أساسية فيها، الحروب بين الإمارات و الأمراء و كذلك النصوص الأدبية بل و أيضا ما يشاع من تحكم لزوجات الرؤساء في مقاليد السلطة ( إل باتت أعليه الظفيرة تصبح أعليه اللحية ) .
نشاهد ان حضور المرأة غير المتوقع ، و مزاحمة الرجل في الحروب ظاهرا في ثقافتنا، بحيث لا تكف هذه المرأة أبدا عن "التسلط الاغوائي" على الرجال حتى و هم يخوضون حروبهم ، فلا مشاهد الموت ( الدماء التي تسيل بغزارة من الجرحى .. ) باستطاعتها أن تمنع المرأة من إرسال سهامها الخاصة، تلك السهام المخترقة للقلوب .. لا يمكن لمشاهد الموت أن تصد هذه المرأة عن إرسال سهامها التي لا تقل فاعلية عن سهام الرماة في الحرب .. لكن سهام المرأة تصيب ايضا الأصدقاء بدلا من الأعداء حتى انه من حق الشاعر أن يتساءل إن كانت المرأة مع جماعتها أو ضدها ..
هذا الحضور نجده كثيرا جدا في المدونة الأدبية الحسانية ، و سنأخذ هنا نصا منه:
عَلّمْنِي مُلاَنَ يَحَدْ
احْظَرْ لغْزَيْ اوْلاَدْ احْمَدْ
و انْظَرْ منْتْ انْزِيبُوهْ فسَدْ
فطَرْفْ الْحَصْرَة لَكْصَانِي
فَاخِرْ لمْجَارِيحْ اتْسَنّدْ
حَرْطانِي مَزْدوفْ اوْ ضَانِي
يَدَنْ يمْشِي بَعْدْ أشَدْ
زدْفو منْ زدفْ الحَرْطاني
نقلا عن صفحة الكاتب