بعد أشهر قليلة من الهدوء بين السودان وجنوب السودان، عادت الرسائل المبطنة لتسمم أجواء العلاقة بين البلدين رغم محاولات السيطرة على ذلك، ولم تجد الدولتان بدًّا من استخدام أوراق الضغط لديهما، رغم حاجتهما معا للتهدئة لتسوية كثير من القضايا العالقة بينهما.
وتتجه الدولتان من جديد إلى ما يشبه الحرب الباردة -كما يقول محللون- لمحاولة كل منهما منع الآخر من الانفراد بالفعل دون رد، وبدا اهتمامهما واضحا بملف "هو الأخطر في مسيرة الصراع بينهما"، وهو رعاية كل طرف معارضة الطرف الآخر.
ففي الوقت الذي طالبت فيه الحكومة السودانية عبر برلمانها نظيرتها في جوبا بتوضيحات أكثر دقة لاستدعائها واجتماعها مع قيادة الحركة الشعبية-قطاع الشمال بداية الأسبوع، سارعت الأخيرة عبر سفيرها في الخرطوم لمطالبة السودان بإيقاف النشاط السياسي والإعلامي لزعيم المعارضة بجنوب السودان رياك مشار في الخرطوم.
احتضان المعارضة
من جهته، دعا رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني الفريق متقاعد أحمد التهامي حكومة جنوب السودان لإصدار قرار واضح بطرد الحركات المتمردة من أراضي الجنوب.
وأبدى أمله في أن يكون لقاء قادة جوبا بالحركة الشعبية-قطاع الشمال بمثابة إنذار نهائي بخروج الحركات وتنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية بين البلدين، معلنا في تصريحات صحفية رفض بلاده "أي اتفاقات لجوبا مع المتمردين السودانيين تحت المنضدة".
أما سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم ميان دوت فقد أبدى استغرابه من سماح السودان لمشار بإعلان الحرب على جوبا من الخرطوم، وطالبها بوقف نشاطه الذي يقوم به "إذ لا يمكن أن يعلن الحرب من داخل الخرطوم". في إشارة إلي بيان للمعارضة أعلنت فيه من الخرطوم الحرب على النظام الحاكم في جوبا.
وسبق ذلك إعلان الحركة الشعبية-قطاع الشمال أن وفدا منها بقيادة رئيسها مالك عقار التقى قيادة جنوب السودان برئاسة سلفا كير.
أزمة حقيقية
ويرى متابعون أن هناك أزمة حقيقية بين الدولتين الجارتين، على الرغم مما تصرحان به من عدم وجود خلافات بينهما، ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية أسامة بابكر إن توتر العلاقة بين الدولتين ما زال "وسيظل ما دام الطاقم الذي يدير الدولتين حاليا على سدة الحكم".
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن جنوب السودان لا يملك قراره حتى الآن، "بينما يفتقد السودان لمؤسسات حقيقية لإدارة الأزمة مع جوبا"، مشيرا إلى أن الأمر تتحكم فيه ردود الأفعال.
من جهته، استبعد أستاذ العلوم السياسية الطاهر الفادني وجود سوء نية في استقبال الخرطوم زعيم المعارضة الجنوبية، معتبرا أن منع السودان أي نشاط للمعارضة الجنوبية "يعني سلامة موقفه"، بينما ينطوي استدعاء جوبا قادة الشعبية-قطاع الشمال "على سوء نية، وربما تهديد مبطن للخرطوم".
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن حسابات المصالح تقتضي عدم دخول الطرفين في نزاع جديد دون اتخاذ مواقف تكتيكية.
المصدر : الجزيرة