أعاد التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية بالقاهرة إلى الواجهة التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية عشية احتفالات رأس السنة في 2011، حيث اتُهمت جماعات متشددة، قبل أن تكشف صحف كانت مقربة لنظام حسني مبارك ضلوع وزير داخليته حبيب العادلي في التفجير.
الربط بين الحادثتين استحضره سياسيون ومسيحيون غاضبون، حيث هتف البعض أمام مقر التفجير بتشبيه وزير الداخلية مجدي عبد الغفار بسلفه العادلي، كما منعوا الوزير من دخول الكنيسة وهتفوا أمامه "الداخلية بلطجية.. ارحل يا وزير الداخلية".
وفي السياق، نفت حركتا لواء الثورة وسواعد مصر (حسم) المسلحتان، اللتان نفذتا عمليات سابقة ضد قيادات في الجيش والشرطة وشخصيات سياسية ودينية، في بيانات منفصلة علاقتهما بالحادث، متهمتين النظام بالمسؤولية عنه لإحداث فتنة بين أفراد الشعب.3
تشابه ملحوظ:
ورأى البرلماني السابق وعضو الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية حاتم عزام أن "وقوع هذا الاعتداء يوم مولد نبي الرحمة هو جريمة شنعاء لا تغتفر، وعمل إرهابي آثم لا يجب أن يمر دون معرفة المجرمين الحقيقيين أيا كانوا، وأن يتم هذا بشكل شفاف ومعلن خطوة بخطوة".
وشدد في حديثه للجزيرة نت على ضرورة عدم استغلال الحادث لتبرير مزيد من إجراءات القمع لتهيئة الفرصة للمجرمين للإفلات من العقاب "كما حصل في مرات سابقة"، لافتا إلى التشابه بين استهداف الكنيستين البطرسية والقديسين.
وأشار عزام إلى "التحقيق الذي نشرته صحيفة اليوم السابع -المقربة من نظامي مبارك وعبد الفتاح السيسي- عام 2011 المدعوم بالوثائق والتفاصيل، الذي "أثبت ضلوع العادلي في هذه الجريمة"، مبينا أن وحدة المصريين هي الحل للخلاص من هذا "الإجرام" الذي لا يفرق بين مسلم ومسيحي، حسب تعبيره.
قصور أمني:
من جهته، حمّل العميد المتقاعد والخبير الأمني محمود قطري وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن التفجير، وطالب بمعالجة "القصور الأمني" بشكل جذري دون الاكتفاء بإقالة مسؤول أو نحوه.
وأضاف للجزيرة نت أن هذا التفجير يدل على "فشل أمني ينبئ بكوارث عظيمة قد تؤدي إلى سقوط مصر كلها"، مبينا أنه كارثة لا سابقة لها، وأنه سيؤثر على كل التفاصيل، لا سيما استقرار البلاد.
وعدد قطري عددا من أوجه "التقصير الأمني غير المبررة"، والمتمثلة في عدم وجود منظومة أمن وقائي جادة، وغياب الدور الإشرافي بمختلف مستوياته، ووجود حالة من الاسترخاء الشديد واللامبالاة لدى الحرس، حسب قوله.
ورأى الخبير الأمني أن المعالجة لا تتوقف على إقالة الوزير فقط، بل لا بد من إعادة هيكلة وزارة الداخلية بشكل كامل، وإعادة النظر في أدائها وجميع إجراءاتها.
في المقابل، رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة الربط بين حادثتي الكنيستين، مبينا أن "الخصومة السياسية هي دافع مجموعات سياسية تفكر بشكل ميكانيكي وتحمّل النظام مسؤولية أي حادثة، وهذا أمر غير منطقي".
ورأى نافعة في حديثه للجزيرة نت أن الحادثة تأتي ضمن سلسلة من العمليات الإرهابية التي لم تتوقف، وأن خطورتها تكمن هذه المرة في استهداف مكان للعبادة بقصد إشعال الفتنة الطائفية.
ومع ذلك، وجد نافعة في ملابسات الحادث ما يدل على وجود "قصور أمني كبير"، إما أن يكون ناتجا عن اختراق للمنظومة الأمنية، أو إهمال كبير، أو غيرهما من الاحتمالات، حسب رأيه.
وأضاف أن استمرار هذه العمليات يدل على وجود أزمة حقيقية، وأن الوسائل المستخدمة في مواجهتها غير مجدية، وأن الفراغ السياسي الذي تشهده مصر يساعد في تفاقم الأزمة، ومن ثم فإن المطلوب هو منهج جديد لمواجهة هذه العمليات وسد ذلك الفراغ.
المصدر : الجزيرة