رحيل رفسنجاني.. رجل النظام والتوازنات

أربعاء, 2017-01-11 10:23

تركت وفاة رئيس مجلس تشخيص النظام في إيران علي أكبر هاشمي رفسنجاني إثر نوبة قلبية  حديثا كثيرا عن دوره في نظام الجمهورية الإسلامية، وموقعه من التيارات السياسية الفاعلة في البلاد، وقد كان من أكبر الداعمين للتيار الإصلاحي في مواجهة المحافظين.

مر رفسنجاني بمرحلتين تاريخيتين، الأولى تمتد من الثورة إلى عام 2005، والمرحلة الثانية تبدأ ما بعد هذا التاريخ، لكن في كلتا المرحلتين كان الرجل رجل النظام الأول، ويقول القيادي في التيار الإصلاحي محمد رضا خاتمي إن رفسنجاني شخصية لا مثيل لها في النظام الإيراني، وقد كان محل ثقة مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل آية الله الخميني.

ويسجل تاريخ الثورة أن رفسنجاني هو من ساهم بوصول المرشد الإيراني علي خامنئي إلى قمة هرم السلطة السياسية، وهو من ثبت دعائم نظام ولاية الفقيه بعد الإصلاح الدستوري لعام 19899، وقد نعاه خامنئي وقال إنه كان سندا له.

وخارج المؤسسات الرسمية، قام الراحل -الذي بدأ حياته محافظا- بدور رجل التوازنات، خاصة بعد انتخابات عام 2005 التي جاءت بمحمود أحمدي نجاد رئيسا للبلاد، وقد دفع انتخاب الأخير  رفسنجاني إلى اتخاذ خيار إعادة صياغة المشهد السياسي في بلاده، وهو الذي أسقطه الإصلاحيون في الانتخابات البرلمانية للعام 2000 ولم يدعموه في مواجهة أحمدي نجاد.

 

رئاسة أحمدي نجاد:
وفي مرحلة رئاسة أحمدي نجاد دخلت البلاد في صراع داخلي بدأت معه الأبواب تغلق في وجه التيار الإصلاحي، إذ قيد نشاط زعماء ما يعرف بالثورة الخضراء متمثلين في مير حسين موسويومهدي كروبي اللذين وضعا قيد الإقامة الجبرية، كما قيد نشاط الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي.

وجعلت هذه العوامل لونا سياسيا واحدا يطغى في البلاد وهو التيار المحافظ في جانبه المتشدد، ويقول القيادي الإصلاحي محمد رضا خاتمي إن رفسنجاني بعد وفاة الخميني صمد أمام كل المشكلات التي واجهته وظل صامدا كالجبل.

 

بدأ حراك رفسنجاني بتقريب الإصلاحيين من المعتدلين في التيار المحافظ، وصل معه حسن روحاني إلى رئاسة إيران عام 20133 وعاد الإصلاحيون إلى البرلمان بقوة في انتخابات 2015، ویقول عضو البرلمان الإیراني عن لائحة الأمل الإصلاحية محمود صادقي إن التيار الإصلاحي فقد بكل تأكيد سندا قويا له بوفاة رفسنجاني وسيؤثر ذلك فيه.

ويقول محمد شريعتي مستشار الرئيس الأسبق خاتمي إن روحاني وكل من هم في تيار الاعتدال سيشعرون بقيمة فقدان رفسنجاني.

 

تحديات للإصلاحيين:
يغادر رفسنجاني وإيران مقبلة على انتخابات رئاسية، وبغيابه ربما قد يحتاج ائتلاف الإصلاحيين إلى إعادة ترتيب أوراق تحالفاته حتى لا يفقد ما راكمه في حياة رفسنجاني.

ولم يكن الراحل ملهم التقارب بين الإصلاحيين والمعتدلين فقط، بل كان ملهم سياسة روحاني الداخلية وكذلك الخارجية، ويقول شريعتي "إن رفسنجاني كان قائد العلاقات مع المنطقة والداعي إليها، كما أن الوضع الدولي يمر بمرحلة خطرة، وهناك إحساس بالخطر من أميركا ورئيسها الجديد دونالد ترمب".

لم يكن لدى رفسنجاني حرج في فتح باب التفاوض مع واشنطن ولربما كان هذا الموقف داعما  لروحاني في سياسته الخارجية، فطهران في عهده فتحت عقدة الملف النووي وخرق الصمت الإيراني الأميركي باتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وروحاني.

وقد يكون رفسنجاني هو مهندس هذه الخطوات انطلاقا من موقعه في النظام، لكن روحاني ومعه حلفاؤه وإن كانوا راغبين في الانفتاح على الغرب وأميركا، فإنه قد يفتقد تحركهم للدعامة الرئيسية التي قد تسهل مثل هذه المهمات.

ويرى شريعتي بأنه لابد من تعزيز الجبهة الداخلية وتشكيل ائتلاف يغطي الفراغ الذي تركه رفسنجاني.

 

المصدر : الجزيرة