تنتظر 15 أسرة مصرية بقلوب منفطرة رنين الهاتف برقم ليبي ليعلمهم بآخر تطورات مصائر أبنائهم المختطفين منذ أسبوع في ليبيا، ولكن بدلا من ذلك فجعت قلوبهم صور على تطبيق واتساب تظهر أبناءهم مقيدين وعلى أجسادهم آثار السياط.
يقول حماده صلاح -وهو شقيق المختطف محمد صلاح- إن شقيقه تسلمته مجموعات تهريب، وحينما عبرت به الحدود الليبية هاتف أهله يطلب منهم دفع باقي المستحقات لسمسار التهريب.
ويروي شقيقه إن آخر مكالمة منه كانت عندما بلغ منطقة تسمى "أبو وليد"، ويقول للجزيرة نت بأسى "لم تمض ساعات حتى تلقينا اتصالا من خاطفين يبلغوننا بضرورة دفع فدية تصل إلى سبعين ألف جنيه مصري (نحو أربعة آلاف دولار) مقابل إطلاق محمد".
وقال إن الخاطفين أبلغوه بأن عليه الذهاب إلى محافظة البحيرة لتسليم المبلغ إلى شخص سوف يتصل به حينما يصل، وهو ما زاد مخاوفه كون الأمر مريبا، وفكر في أن عدم الدفع حتى الآن أمان للمخطوفين، فالخاطفون سيبقونهم أحياء للحصول على المبلغ.
ولا يقتصر الخوف والقلق على أسرة محمد صلاح، ففي محافظة دمياط شمالا فجعت عدد من الأسر على أبنائها المخطوفين، وحررت محضرا وجهت فيه الاتهام لسمسار التهريب.
ومعظم أسر المخطوفين من بسطاء الحال، فمنهم من باع جزءا من أرضه أو حلي زوجته "ولم يعد لدينا ما نبيعه لدفع الفدية المطلوبة" كما يقول "حامد" والد أحد المخطوفين من محافظة دمياط.
وتعددت حالات خطف المصريين بليبيا خلال العامين الماضيين، كانت أشهرها حالة اختطاف وقتل 21 من الأقباط على يد تنظيم الدولة الإسلامية أعقبها قصف الطيران المصري مواقع يشتبه فيها بالانتماء للتنظيم.
وبلغ عدد المخطوفين خلال العامين الماضين نحو 133 عاملا، وفق إحصاء ورد في تقارير صحفية، بينما جرى قتل 16 منتصف العام الماضي.
مسلسل مستمر:
وعلى الرغم من عمليات الخطف والقتل لم يتوقف سفر العمال المصريين إلى ليبيا عبر معبر السلوم وغيره من المنافذ البرية قاصدين الأراضي الليبية رغم وقف منح التأشيرة رسميا للعمالة القاصدة للأراضي الليبية، وفق الكاتب والمحلل المختص بالشأن الليبي علاء فاروق.
وتابع في حديثه للجزيرة نت "المسافرون بعضهم عاش أكثر من نصف عمره هناك وكون علاقات ومشروعات، واضطر للعودة لمصر مع ثورة فبراير 2011 ثم عاد مرة أخرى، والبعض له مستحقات هناك وسيبذل كل جهده وحتى حياته لاستردادها، وثالث يهرب من حالة التردي الاقتصادي بمصر وأسهل وجهة له هي ليبيا، بينما الفئة الأقل هي التي تحاول الهروب إلى ايطالياعبر البحر المتوسط".
وقال إن "أغلب المصريين المسافرين إلى ليبيا يتمركزون في المنطقة الغربية، خاصة طرابلس وأحياءها، ومنهم من يذهب للجنوب وهي منطقة تشهد قلاقل".
ويؤكد المتحدث أن "الخطف بات أمرا اعتياديا حتى لليبيين أنفسهم، بسبب انتشار المجموعات المسلحة بهدف الابتزاز والنزوع للانتقام من النظام المصري، ولمحاولة إحراج وتوريط حكومة الوفاق الوطني الليبية".
ويرى فاروق أن "القبائل الليبية ستكون لها الكلمة الأولى في الإفراج عن المخطوفين لقدرتها على معرفة الجناة والتفاوض مع عائلاتهم، ولكنها لا تستطيع إطلاق المخطوفين بقوة السلاح للسيطرة التي تتمتع بها مجموعات الخاطفين"، مشيرا إلى "ضعف تعامل النظام الحالي مع الأزمة في ليبيا بسبب تفضيله طرف خليفة حفتر على أطراف عدة، وهو ما يجعل تعاطي الغرب الليبي مع الحكومة المصرية ضعيفا".
بدورها، قالت مصادر دبلوماسية في تصريحات صحفية إن "السفارة المصرية في ليبيا -التي تمارس عملها من القاهرة- ستتواصل مع السلطات الليبية والجهات المختلفة هناك بشأن التأكد من صحة هذه الأنباء".
وأضافت أن "الخارجية المصرية ناشدت مرارا المواطنين عدم السفر إلى ليبيا وألغت تأشيرة السفر، لكنها لم تستطع منع التهريب، ويقتصر دورها على التواصل مع المؤسسات في الداخل الليبي"، مشيرة إلى أن انقسام المؤسسات الليبية يضعف هذه الجهود.
المصدر : الجزيرة