دخلت الجزائر أجواء الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها الربيع المقبل، مع اكتمال كل حلقات المشهد السياسي، وإعلان أغلب القوى الحزبية المشاركة، باستثناء حزبين بارزين هما "جيل جديد" الذي يقوده سفيان جيلالي، وحزب "طلائع الحريات" بقيادة رئيس الحكومة السابق علي بن فليس.
وصرح وزير الداخلية نورالدين بدوي أن الحكومة تنوي مراجعة قانون الأحزاب ووضع ضوابط وقيود في مواقف القوى السياسية من المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، وأضاف أنه ليس من حق الأحزاب حرمان مناضليها من المشاركة.
وخلفت تصريحات الوزير ردود فعل غاضبة من المعارضة التي قالت إن تحديد الموقف من الانتخابات مبدأ ديمقراطي وسيد للأحزاب، ولا دخل للحكومة فيه.
وإذا كانت مبررات المشاركين من قوى الموالاة معروفة ولا تحتاج إلى تفسير فإن أحزاب المعارضة طبقت منطق ما لا يدرك كله لا يترك جله، إذ قررت المشاركة حتى تواصل المعارضة من داخل المؤسسة التشريعية ولا تغيب عن المشهد السياسي.
لكن هذا الموقف لا تتقاسمه قوى معارضة قررت المقاطعة، ورأت فيما فعله "رفقاء النضال تخليا عن المبادئ وقبولهم المشاركة في لعبة مفبركة لن تساهم في تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود".
غياب الشفافية:
ويقول رئيس حزب "جيل جديد" لـ الجزيرة نت إن المعارضة قدمت قبل ثلاث سنوات عن طريق هيئة التشاور والمتابعة وصفا دقيقا للوضع العام، مثلما أعطت الأدلة على غياب النية الصادقة لدى السلطة في قبول التغيير.
ويستدل جيلالي على رأيه برفض السلطات تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، واستبدالها بهيئة لمراقبة الانتخابات أعضاؤها كلهم معينون.
وذكر أن المعارضة كانت أمام خيارين قبل المشاركة في الانتخابات، أولا إقناع السلطة بفتح حوار جاد يؤدي إلى تغيير هادئ، وفي حال رفضت تلتزم بموقف المقاطعة إلى النهاية.
ولم يخف جيلالي خيبته كون المعارضة تفرق شملها مع اقتراب موعد الانتخابات، مضيفا أن المشاركة هي "خضوع لمنطق السلطة" وتجعل المعارضة تفقد قوتها في إرغام السلطة على الانتقال الديمقراطي.
ويشرح موقف حزبه قائلا إن الهدف ليس الحصول على مقاعد في البرلمان المقبل ودخول المؤسسات، بل "إقناع النظام بقبول التغيير العقلاني والواقعي والسلس". ومع إقراره بصعوبة تحقيق هذا المطلب فإنه يشير إلى أنه "لو صمدت المعارضة على موقفها لتنازل النظام شيئا فشيئا كي نصل إلى الديمقراطية ودولة القانون".
لا صلاحيات:
ويقول عضو اللجنة المركزية بحزب "طلائع الحريات" يونس شرقي إن ما يفوق 93% من أعضاء اللجنة صوتوا لفائدة قرار المقاطعة.
ويضيف للجزيرة نت أن المقاطعة ليست خوفا من التزوير أو لعدم وجود هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات "بل هو موقف بالأساس من طبيعة البرلمان الذي ستنتجه هذه الانتخابات وما سيقدمه للجزائر".
ويرى شرقي أن البرلمان تنازل عن صلاحياته التشريعية لصالح السلطة التنفيذية "فهو لا يمتلك صلاحية محاسبة أي مسؤول، ودخول برلمان على هذا الحال لا يخدم مشروع الحزب".
كما يشير إلى أن رئيس حزبه بن فليس شارك في الانتخابات الرئاسية لعام 2014 بصفته مستقلا وليس باسم الحزب الذي لم يكن قد تأسس بعد.
نقص الشفافية:
ويخلص أستاذ العلوم السياسية بجامعة البليدة محسن خنيش إلى أن موقف المقاطعة يركز على خطاب "نقص الشفافية ونقص الضمانات التي تسمح بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة".
ويفسر خنيش -في حديث للجزيرة نت- هذه المقاطعة برغبة أصحابها في تنظيم صفوفهم وتوسيع التمثيل، بالإضافة إلى السعي لتوظيف خطاب الأغلبية الصامتة وهي الفئات العريضة من الجزائريين التي لا تذهب إلى مكاتب الاقتراع "لأنها ترى أن مشاركتها لا تغير من الوضع شيئا".
المصدر : الجزيرة