بات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد محصورا بين نار الاتهامات بالفشل وسهام النيل من شخصه ودوره، فلم ترض الحكومة اليمنية الشرعية عن مواقفه ولا عن خريطة الطريق التي قدمها، وأيضا يطالب بتغييره الانقلابيون الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوععلي عبد الله صالح.
وكان لافتا مؤخرا تعرض ولد الشيخ لكيل من الاتهامات وحتى السباب والشتائم من قبل وسائل إعلام الانقلاب الحوثية وتلك التابعة لصالح في صنعاء، التي صارت تخصص برامج إذاعية وتلفزيونية للإساءة الشخصية له وللأمم المتحدة، وتتهمه بعدم الحياد والوقوف مع "العدوان"، كما تتهمه بالفشل في مهمته، وبتلقي الأموال من السعودية وأميركا، حسب قولهم.
وهذه ليست المرة الأولى أن تهاجم وسائل إعلام الانقلاب ولد الشيخ أحمد وتخوض معه حربا إعلامية خلال نحو عامين من بدء مهمته باليمن، عقب انتهاء دور سلفه جمال بن عمر، الذي انتهى باكتمال الانقلاب على الشرعية وسيطرة الحوثيين على صنعاء.
والأسبوع الماضي بعث الحوثيون وصالح عبر مجلسهم السياسي في صنعاء رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تطالبه بعدم التمديد لولد الشيخ لفشله وعدم حياده حسب رأيهم، في وقت أكد فيه غوتيريش ثقته بمبعوثه الأممي، داعيا إلى جولة مفاوضات سلام جديدة.
تشريع الانقلاب:
في الوقت نفسه تكال لولد الشيخ اتهامات من السلطة الشرعية بأنه يسعى لتشريع الانقلاب من خلال خريطة الطريق التي قدمها ورفضها الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكونها تركز على إقالة نائبه الفريق علي محسن الأحمر لاستبدال نائب آخر منه يحظى بقبول الانقلابيين، والتخلي عن صلاحياته ومنحها لنائبه الجديد.
الحكومة الشرعية تعتقد أن ولد الشيخ أحمد لا يستطع تقديم حلول مناسبة لإنهاء الأزمة اليمنية سلميا، وأنه لم يلتزم بما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 22166 الذي نص على انسحاب الحوثيين من العاصمة والمدن المحتلة، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، واستعادة حكومة الرئيس هادي كل مؤسسات الدولة وسيادتها عليها، ثم الدخول بعد ذلك في حوار سياسي بين كل الأطراف اليمنية.
ويعتقد السفير بوزارة الخارجية اليمنية عبد الوهاب العمراني أن التقدم المتسارع لقوات الشرعية في الجبهات وحالة الانهيار الاقتصادي التي تعانيها المليشيا الانقلابية بالتزامن مع التغيرات الدولية، وأبرزها مجيء الإدارة الأميركية الجديدة التي يمثلها الرئيس دونالد ترمب، ووصول أمين عام جديد للأمم المتحدة، قد أضفى حالة من الضبابية والقلق لدى طرفي الانقلاب والحكومة الشرعية على حد سواء، ويفسر هذا إلحاح الحوثيين تحديدا على المطالبة بتغيير ولد الشيخ أحمد.
ورأى العمراني في حديث للجزيرة نت أن المبعوث الحالي والسابق جمال بن عمر يميلان بدرجات متفاوتة لتمييع القضية اليمنية والتماهي مع الانقلاب الحوثي وصالح، ولكن ولد الشيخ أحمد لا يقارن دوره مع سلفه الذي أوصل الحوثيين للقصر الجمهوري بينما يُراد من ولد الشيخ أحمد تشريع الاعتراف الدولي بهم.
أجندة خارجية:
واعتبر أن "الحوثيين يثبتون يوما بعد يوم أنهم ينفذون أجندة خارجية ولا يملكون رؤية سياسية ولا يعرفون سوى لغة السلاح، وعلى المجتمع الدولي أن يكون أكثر جدية وصرامة تجاه ممارسات الانقلابيين، ولا مناص من تنفيذ المرجعيات الممثلة بقرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني لإنهاء الانقلاب وعودة السلام باليمن".
من جانبه قال الباحث السياسي توفيق السامعي إن هجوم الحوثيين والمخلوع على المبعوث الأممي أسطوانة مشروخة تتكرر باستمرار عندما يصلون إلى أفق مسدود ويفشلون عسكريا أمام قوات الشرعية.
وقال السامعي في حديث للجزيرة نت إن "الحوثيين يرجون من وراء مطالبهم بتغيير ولد الشيخ أحمد إرباك أي عملية للتفاوض والتنصل من التزاماتهم السابقة، واللعب على عامل الوقت، لأنهم يشعرون بأنه كلما طال أمد الصراع في اليمن ترسخت أقدامهم في الحكم واستنزفواالتحالف العربي".
وأشار إلى أن "الحوثيين يحذون حذو إيران في المماطلة في التفاوض، وفي الوقت نفسه يتلاعبون في الداخل عسكريا، والهدف من المماطلة هو تصوير الصراع في اليمن على أنه مع السعودية وليس بين قوات سلطة شرعية ومليشيا انقلابية متمردة، كما أنهم يرجون يأسا من التحالف العربي يفضي إلى تسوية سياسية تكون في صالحهم، وهذا ما لم يحدث حتى الآن، فالشرعية والتحالف العربي مصممون على كسر شوكة المليشيا الحوثية الانقلابية وإنهاء تمردهم".
المصدر : الجزيرة