العنصرية تتصاعد في الهند بعد تعيين راهب متعصب رئيسا للوزراء

أربعاء, 2017-04-05 09:55

حالة من القلق أصبح يعيشها المسلمون في الهند بعد اختيار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، راهبا هندوسيا معروفا بمعاداته للمسلمين، لرئاسة حكومة أوتار براديش، أكبر ولاية هندية والتي يعيش فيها 40 مليون مسلم.

 

اختيار “أديتياناث”:

وبعد فوز حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي الحاكم، بثلاثة أرباع الأصوات في انتخابات ولاية “أوتار براديش” التي جرت بين 11 فبراير و8 مارس ، اختار مودي لرئاسة حكومة الولاية رجل الدين الهندوسي يوغي أديتياناث، المعروف بتصريحاته المعادية للمسلمين، والمسجل ضده أكثر من 10 قضايا جنائية بينها محاولة قتل وتحريض على عمليات إجرامية وأعمال شغب.

إلا أن مودي فاجأ الجميع بتعيين أديتياناث، أحد أبرز الأسماء في أكثر الأجنحة تشددا في الحزب، في المنصب، وهو ما أثار انتقاد المسلمين، وأحزاب المعارضة وعلى رأسهم حزب المؤتمر، خاصة وأن اختيار قومي متشدد على رأس أكبر ولاية هندية يتعارض مع الأهداف التي أعلنها مودي لتحقيق التنمية في الهند عبر عدة وسائل على رأسها جذب الاستثمارات الأجنبية.

وبما أنه لا يمكن القول إن مودي لم يتمكن من قراءة التركيبة الاجتماعية للولاية، إذ أنه قادم من عالم الأعمال وصاحب خبرة سياسية تضمنت تولي رئاسة حكومة إحدى الولايات، فإنه لابد من البحث عن أسباب أخرى لهذا القرار.

ويقول ميلان فايشناف، الباحث بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وهو أحد مراكز أبحاث السياسة الخارجية، إنَّ تعيين يوغي أديتياناث كرئيسٍ للوزراء في ولاية أوتار براديش، التي يُمثِّل المسلمون نحو خُمس سكانها البالغين 200 مليون نسمة، أمرٌ “صاعِق”. وأضاف: “إنَّه مُتطرِّف فيما يتعلَّق بخطاباته، وغوغائيٌ متعجرف للغاية يُحرِّك مشاعر الناس، وهو شخصٌ لا يشتهر بشيءٍ سوى إخلاصه لصورةٍ متشدِّدة من القومية الهندوسية”.

ووافقه المؤلِّف والمؤرِّخ راماشاندران غوها، قائلاً: “إنَّها لحظة مهمة ومُقلقة. إنَّ التطرُّف يتحرَّك ليصبح هو التيار السائد”.

وتجدر الإشارة إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا فاز بالحكم في الهند عام 2014، بعد اتهامات لحزب المؤتمر الحاكم في ذلك الحين بالفساد، وفي حين وعد بهاراتيا جاناتا ناخبيه بتحقيق تقدم اقتصادي، يجد الشعب الهندي نفسه الآن في مواجهة خطر انهيار السلم الاجتماعي، بسبب السياسات القائمة على أسس دينية التي يتبناها الحزب.

 

تمثيل الهندوس:

من المعروف أن مودي اتخذ قرار تعيين أديتياناث، في استجابة للتوجه الشعبوي بين الهندوس، باعتباره سياسيا يمتلك القدرة على تمثيل الهندوس.

وبدأ مودي حياته السياسية مع الحزب الوطني الهندوسي (راشتريا سوايام سيفاك سانغ)، قبل أن ينتقل إلى حزب بهارتيا جاناتا، القومي الهندوسي، ويتولى فيه مناصب هامة.

وشهدت ولاية غوجارات خلال تولي مودي حكمها عام 2002، هجمات ضد المسلمين أسفرت عن مقتل حوالي ألف شخص، واتُهم مودي بأن له يدا في تلك الأحداث، إلا أن المحكمة برأته.

وبالإضافة إلى تخوف المسلمين في الولاية من أن يؤدي تعيين أديتياناث إلى التأثير على حياتهم بشكل سلبي، يرى حزب المؤتمر أن نقل السياسات القائمة على الدين إلى مركز العمل السياسي في البلاد، خطأ استراتيجي كبير، خاصة عندما يتعلق الأمر بتعيين هندوسي متطرف على رأس أكبر ولاية في البلاد.

ويحذر قادة المؤتمر من أن الهند عبر خطوت من هذا القبيل، ستدخل مرحلة تغير أيديولوجي وديني وثقافي.

في هذا الصدد تقول صحيفة The Guardian البريطانية أنَّ مودي كان منبوذاً على الصعيد الدولي لفترةٍ وجيزة بسبب الدور المزعوم لحكومة ولاية غوجارات التي كان يترأسها في غضّها الطرف عن، وربما التحريض، على أعمال الشغب المميتة بين الهندوس والمسلمين في الولاية عام 2002. لكنَّه حسَّن صورته بشكلٍ دؤوب خلال العقد الذي سبق الفوز بالسلطة في 2014، إذ روَّج لنفسه على أنَّه رجل دولة صديق لقطاع الأعمال، ومُنضبِط، وأنَّ شغله الشاغل هو تحقيق التنمية الاقتصادية.

وأضافت لم يندفع مودي في تطبيق أجندته القومية الهندوسية، ومنح الأولوية لقضايا مثل الإصلاح الضريبي، ومناهضة الفساد المتعلِّق بالحظر الوطني على ذبح الأبقار، والذي دافع عنه حزبه خلال الحملة الانتخابية.

ونقلت الصحيفة عن فايشناف من مؤسسة كارنيغي للسلام قوله أن بإختيار أديتياناث، “رُفِع النقاب” ،ويضيف: “إنَّ هذا الاختيار يجيب عن أحد الأسئلة التي راودتنا طويلاً حول مودي. وهو “هل يقوم مشروع هذا الرجل على التنمية أم القومية الهندوسية؟” وما يؤكِّده هذا الاختيار هو أنَّه ليس سؤالاً يتضمَّن إجابتين مختلفتين. فلدى مودي وجهان: أحدهما هو مودي المُحدِّث الاقتصادي العظيم، والآخر هو القومية القوية، وأديتياناث هو أوضح تجلِّياتها”.

 

أيديولوجية “الهند للهندوس”:

يوغي أديتياناث الذي يبلغ من العمر 44 عاما، ليس اسما جديدا على الساحة السياسية في أوتار براديش وفي الهند، إذ أنه انتخب لعضوية البرلمان المحلي خمس مرات، أولها عندما كان في الرابعة والعشرين من عمره.

يختلف أديتياناث عن بقية أعضاء البرلمان بكونه رجل دين هندوسي، وراهب في أحد المعابد الهندوسية، كما أنه يتبنى أيديولوجية “الهيندوتفا” التي تشترط كون الفرد هندوسيا لكي يكون هنديا، وتعادي أفراد الديانات الأخرى، وتدعو لطردهم من الهند.

وفي حال اتبع أديتياناث سيسات تمييزية ضد المسلمين، سيحمل ذلك خطر نشوء أزمة ثقة بين المسلمين والهندوس، ليس في الولاية فقط وإنما في جميع أنحاء الهند.

ويمكن النظر إلى تعيين أديتياناث رئيسا لحكومة أوتار براديش، باعتباره جزءا من تصاعد اليمين المتطرف في أنحاء عدة من العالم، على رأسها غرب أوروبا والولايات المتحدة.

 

حرق بيوت المسلمين:

ولم يمضى كثيرا على اختيار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، راهبا هندوسيا معروفا بمعاداته للمسلمين، لرئاسة حكومة أوتار براديش، أكبر ولاية هندية حتى بدأت عمليات اضطهاد المسلمين في عدد من الولايات؛ إذ شهدت ولاية جوجارات الأحد 26 مارس ، سقوط قتيلاً وإصابة نحو 14 شخصاً إثر اندلاع أعمال عنف بعد عراك بين تلاميذ مدرسة مسلمين وهندوس في ولاية جوجارات مسقط رأس رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

ويقول كيه. كيه. نيرالا أكبر مسؤول إداري بالمنطقة أن نحو 5000 شخص هاجموا السكان المسلمين وأشعلوا النار في عشرات المنازل والسيارات في قرية فادافالي بمنطقة باتان أمس السبت بعدما اشتكى تلاميذ هندوس من سلوك تلاميذ مسلمين.

وأضاف نيرالا إن المسلمين ردوا بإلقاء الحجارة واستخدم أفراد الشرطة الغاز المسيل للدموع وأطلقوا سبعة أعيرة نارية لتفريق المتجمهرين والسيطرة على العنف.

جدير بالذكر أن جوجارات شهدت اضطرابات دينية خطيرة من قبل.

 

طرد المسلمين:

والجمعة 17 مارس شنّ الهندوس هجومًا حادًا على المسلمين الذين يسكنون في قرية جياناغلا، وهددوهم بالعواقب الشديدة إذا لم يغادروا القرية، في مشهد يدعو إلى القسوة والعنف الذي تتبعه حكومة البلاد.

ونشر العشرات الملصقات على بيوت المسلمين في “جياناغلا”. ويذكر أن هذه القرية بها الكثير من المسلمين الذين وصل عددهم إلى 200 مسلم من 2500 شخص في القرية.

فمن الواضح أن اختيار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لـ “أديتياناث” وغضه الطرف عن اضطهاد المسلمين يرسخ قناعته وأفكاره الرامية إلى “القومية الهندوسية”.. فمن يقف بوجهه لحماية مسلمي الهند؟

 

صحيفة التقرير