إعاقة وطنيّة

جمعة, 2014-12-26 20:15
مارلين خليفة

يستمرّ ذوو الاحتياجات الخاصّة في لبنان منذ عقود وتحديدا منذ 15 عاما تاريخ صدور القانون 220 عام 2000 في المطالبة بحقوقهم ولعلّ أبسطها حقّ التمتّع بمداخل خاصة لا سيّما في المؤسسات العامّة.

وقام أخيرا تحرّك ميداني في إطار "مرصد حقوق المعوّقين" من أجل تطبيق القانون المذكور والمصادقة على الإتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتبيّن بعد يوم طويل توزّع فيه هؤلاء في مجموعات خاصّة وانتشروا في مختلف المناطق اللبنانية أن الجهوزية لاستقبال المعوقين معدومة في المؤسسات العامّة ومنها بوزارات يفترض أن تكون معنيّة بشؤونهم كوزارتي الصحّة والشؤون الإجتماعية غير المجهزتين بمداخل تسهّل دخول الكراسي المتحرّكة ما يعيق ذوي الإحتياجات الحركية الخاصّة، بالإضافة الى عدم إمكانية استخدامهم مواقف السيارات والمصاعد، والممرات والقاعات والمراحيض أو سلوك المنحدرات.

بالإضافة الى ذلك فإن المدارس اللبنانية لا تلحظ استخدام طريقة "برايل" للإعاقة البصرية ولغة الإشارة للإعاقة السمعية ولا تستقدم أشخاصا متدرّبين على التعامل مع الأشخاص المكفوفين والصّم. 

هذا الواقع المذري لفئة تناضل ضدّ التهميش تعكس مشهدا قاتما في المجتمع اللبناني.

ولعلّ التعزية الوحيدة لذوي الإحتياجات الخاصّة الذين يمتلكون مواهب مهمّة أحيانا غير متوفرة للأصحّاء جسديّا هي أن هؤلاء يعانون من الإضطهاد والتهميش وهم يبدون بكامل قواهم الجسدية.

إن احترام الإعاقة عادة درجت عليها المجتمعات الراقية باحترامها للإنسان حيث يخصص لهؤلاء ليس مداخل فحسب وإنما جهاز بشري من الدولة لمساعدتهم في الأماكن العامّة وأحيانا في بعض المؤسسات الخاصّة. أما لبنان الذي يدّعي أبناؤه أنهم يحتكرون الحضارة والإنسانيّة والرقي فإنّ فئاته المهمشة تزداد تهميشا وقمعا، علما بأنّ إنشاء مداخل خاصة لذوي الإحتياجات الخاصة في المؤسسات والأبنية الرسمية لا يكلّف إلا النذر اليسير من المال الذي يذهب هدرا في مناسبات عدّة.

بالأمس تظاهر ذوو الإحتياجات الخاصة في بعض شوارع العاصمة والمناطق اللبنانية، لكنّهم اكتشفوا تهميشا إضافيا، إذ لم يلقوا تضامنا أو ترحيبا لا من المسؤولين ولا من المواطنين، والأسوأ أنهم تعرضوا في بعض المناطق للقمع من قبل بعض الأشخاص الذين منعوهم من لصق لوحات تحمل عبارة: غير موافق للمعايير، فعادوا أدراجهم على عكازاتهم وكراسيهم المتحرّكة غير متأملين الكثير من دولة تعاني من إعاقة وطنيّة وإنسانية صعبة الشفاء.

ارم