مع بدايات تسلم الرئيس الايراني الحالي حسن روحاني للسلطة قبل 4 سنوات، كتبت مقالا ونشر آنذاك في بعض المواقع الالكترونية، وخلاصة ما أوردته فيه هو أن الادارة الاميركية لو ارادت استمرار النهج السياسي الحالي في ايران فينبغي عليها ان تمتنع عن وضع العراقيل امام المساعي التي يبذلها روحاني من أجل فك الحصار الاقتصادي عن بلاده.
وأكدت حينها بأن وضع العراقيل يعني توفير فرصة ذهبية للنهج السياسي الآخر بالصعود، وبرهنت على رأيي بما حدث في حكومة محمد خاتمي، فعندما مارست اميركا والغرب ضغوطا شديدة ضد حكومة خاتمي فان ذلك مهد لوصول أحمدي نجاد للسلطة، على الرغم من أن قوة أحمدي نجد لم تكن تضاهي قوة منافسه الرئيسي المرحوم هاشمي رفسنجاني الذي كان سيواصل مسيرة خاتمي.
مناسبة الحديث عن ذلك المقال هو القرار الذي أصدره الكونغرس الأميركي مؤخرا بتجميد العقوبات ضد ايران وقد برر الكونغرس سبب ذلك بأن تمديد العقوبات سيؤثر سلبا على روحاني في الانتخابات، ولكن يبدو أن الأوان قد فات وأن روحاني يواجه اليوم تحديا كبيرا في الفوز.
الجميع يعلم أن الشعار الذي رفعه روحاني في حملته الانتخابية الأولى عام 2013 هو حل مشاكل البلاد الاقتصادية عبر الاتفاق النووي، وبالفعل بدأت حكومته بخوض المفاوضات النووية التي استمرت لأكثر من عامين وتمخضت عن الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى العالمية الست (اميركا وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والمانيا)، ولكن هل حُلت مشاكل ايران وفي مقدمتها المشاكل الاقتصادية بعد الاتفاق النووي؟
من المؤكد أن ايران شهدت استقرارا اقتصاديا وسياسيا خلال المفاوضات النووية وبعد الاتفاق، ولكن على صعيد اسعار السلع وهو الذي يلمسه الناخب الايراني بشكل يومي فانه لم يحدث أي تغيير.
ربما حكومة روحاني تقدم بين فترة وأخرى ارقاما وأدلة على انخفاض مستوى التضخم والبطالة وارتفاع الناتج القومي، ألا أن كل ذلك لم ينعكس بشكل مؤثر على واقع الناخب الايراني، فلا يزال هذا الناخب يشتري اليوم السلع والبضائع بنفس السعر الذي كان يشتريها قبل 4 سنوات ان لم يكن السعر قد ارتفع عن تلك الفترة، مما يعزز الشكوك لدى الناخب الايراني بأن روحاني غير قادر على حل مشاكل البلاد ولربما حان الوقت لرحيله.
المنافسون لروحاني ركزوا في المناظرة التلفزيونية الأولى وسيركزون في المناظرة التلفزيونية الثانية التي ستجرى يوم الجمعة القادمة والمناظرة التي ستجرى في الجمعة التي تليها على الجانب الاقتصادي وسيصرون على أن روحاني فشل في تحسين الوضع الاقتصادي، مما يجعل الناخب الايراني يقتنع بأن روحاني ليس خيارهم المفضل.
أحد الأسباب الرئيسية في أن الرئيس روحاني لم يحقق نجاحا باهرا في الاقتصاد هو العراقيل التي وضعتها الادارة الاميركية سواء ادارة اوباما أو ترامب امام ذلك، وأبرز ما قامت به الادارة الاميركية في هذا الاطار هو التهديدات التي تطلقها ضد الشركات التي تتعامل مع ايران وتحذيرها من أن هذا التعامل ربما يعرضها للعقوبات، فضلا عن انها فرضت بالفعل عقوبات على بعض الشركات.
والى جانب هذه التهديدات فان اميركا عرقلت سبل التبادل المالي بين البنوك الايرانية والأجنبية خاصة اذا كان التبادل بالدولار، مما يعني ان الشركات الايرانية سواء كانت اهلية او حكومية ليس بوسعها الحصول على عوائد عقودها او انها لايمكنها دفع مستحقات عقودها مع الخارج، ولطالما اعلنت ايران طهران ان الاجراءات الاميركية تتعارض مع الاتفاق النووي.
هل هذا يعني أن روحاني ليس لديه حظوظ بالفوز في الانتخابات؟
هذا ما سأحاول الاجابة عليه في مقال لاحق اذا شاء الله.
نقلا عن رأي اليوم