الطيفُ الماثل.. في ذكرى صدام

أربعاء, 2014-12-31 08:41
معمر محمد سالم

يصادف اليوم الثلاثين من دجنبر، الذكرى الثامنة لصعود صدام حسين منصة التتويج إلى جنات الخُلد شهيدا.. إنها لحظات استحضار تجربة البعث في قطر العراق، تلك التجربة التي شكلت أيقونة التجسيد الفريد لفكر حزب البعث العرب الاشتراكي، الذي أسسه (السًبطان) الأستاذ أحمد ميشيل عفلق والأستاذ صلاح الدين البيطار في السابع من إبريل 1947 حزبا وحدويا يسعى لتحقيق أهداف ثلاثة: الوحدة والحرية والاشتراكية، وهي مفردات فكرية ذات علاقة جدلية، حيث تتحقق كل واحدة منها بتحقق الأخرى.

ولم يكن فكر البعث فكرا مستوردا، وإنما هو فكر أصيل سال مداده بوحي من قيم الصحراء و الخيمة العربية و الذات العربية، فأشرق حين، حشدت الأمة كل قُواها لتنجبه، وحشد كل قُواه لينجب لها قائدا عظيما بحجم صدام حسين.

لذلك لم يكن صدام حسين مجرد رجل عظيم ترك ذكرا و ذكرى في نفوس البشر كالإسكندر الأكبر وسيف بن ذي يزن وكليب... بل كان أمة بأكملها..

أقبل الشهيد صدام حسين على الأمًة العربية، فاحتضنها بذراعيه على طريقة النسر أو أقواس النصر التي تزين بوابات العراق، فكانت ذراعه اليمنى درعا للعراق (البوابة الشرقية للأمة العربية)، فما كان للصًفويين أن تطأ أقدامهم أرض الرافدين إلا أسرى، وكانت ذراعه اليسرى تصدُ الغزو عن البوابة الشرقية للأمًة العربية (بلاد شنقيط).

وقد سعى صدام حسين إلى تجسيد المشروع الحضاري و الوحدوي للأمة العربية في مقابل المشروع الغربي و الفارسي و التركي.. فأسس الجامعات والمعاهد العليا وبنى جيشا عربيا قويا و أقام نهضة ثقافية و اجتماعية كبرى، فأمم النفط و أنشأ بطاقات التموين والتأمين الصحي والتعليم المجاني.. لذلك لم يكن صدام حسين يعيش لذاته، فلم يسع لمجد ذاتي، ولا لطموح شخصي، ولا لمكاسب ذاتية، وإنما نذر حياته لتجسيد مبادئه التي آمن بها، فشدت عضده، بعد أن أخرجه اليُتم من العوجة ثائرا..

لقد استطاع صدام حسين في صلابته و إصراره أن يجسد الذات العربية، و استطاع من خلال تجربة الحكم أن يجسد المشروع النهضوي للإنسان العربي، و استطاع في لحظات الصعودِ إلى الخلودِ أن يقدم صورة للمؤمنين الواثقين من قضاء الله و قدره، الذين يتقدمون( و الجنة تلمع بين سيوفهم) كما يقول الأستاذ أحمد ميشيل عفلق، وهكذا يكون البعث أو لا يكون.