بعد أسبوع من الخلاف القطري الخليجي.. هل بات الصلح أقرب؟

جمعة, 2017-06-02 13:26

مضى أسبوع على التصريحات المفبركة المنسوبة للشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” أمير قطر، والتي تداولتها بعض وسائل الإعلام العربية بشكل عام والخليجية على وجه الخصوص، لكن ما زالت الهجمة الشرسة التي انتهجتها بعض وسائل الإعلام بهدف الإسادة لقطر مستمرة إلى اليوم.

ففي الرابع والعشرين من مايو، نشرت وكالة “قنا” القطرية تصرحات منسوبة للأمير انتقد فيها السياسة الخارجية لترامب والسعودية والإمارات، كما انتقد التصعيد ضد طهران و”حماس”، وهو ما نفته قطر لاحقًا، وأكّدتْ أن وكالتها الرسمية تعرَّضتْ لاختراق.

ومن يتابع قنواتٍ وصحفًا بعينها يجد أنها وضعت برنامج عملٍ مدروسًا يضع شيطنة دولة “قطر ” في الصدارة، حيث خصصت خلايا من الإعلاميين والصحفيين هدفها الأساسي هو تشويه قطر.

 

تصعيد إعلامي:

واستمرت هذه الحملة، رغم النفي القطري وصدور بيان رسمي بذلك إضافة إلى إعلان وزارة الخارجية القطرية والذي، استغرابت خلاله من موقف بعض وسائل الإعلام والفضائيات التي تواصل نشر تلك التصريحات الكاذبة.

وأضاف في بيان لها أنه “رغم إصدار الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي بيانا تضمن الإعلان عن قرصنه موقع وكالة الأنباء القطرية، ونسبه تصريحات كاذبة إلى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، إلا أن بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية استمرت بنشر التصريحات المكذوبة والتعليق عليها”.

وتابع أنه “كان الأجدر بها (وسائل الإعلام والفضائيات) التثبت من مدى صحة هذه الأخبار الكاذبة والتوقف عن ترويجها، والتعليق عليها، خصوصًا بعد صدور بيان مصدر مسؤول من الدولة”.

الخارجية القطرية اعتبرت أن الإستمرار في نشر تلك التصريحات رغم نفي صحتها “يتنافى مع المصداقية الإعلامية المطلوبة، وعدم التزام بالقواعد المهنية والأخلاقية”، ولفتت إلى أن “الأمر يثير أكثر من تساؤل حول دوافع وسائل الإعلام هذه ومراميها”.

ولم يقف الأمر عند ذلك، بل قامت السلطات الإماراتية بحجب مواقع قناة “الجزيرة”، كما قامت شركة osn المزودة للخدمات التلفزيونية والفضائية بحذف كل قنوات الجزيرة عن قوائمها.

وبعدها بساعات حجبت ايضًا وزارة الثقافة والإعلام السعودية، مواقع كل الصحف القطرية إلى جانب مواقع قناة شبكة “الجزيرة”، وعلى خطاهما سارت البحرين ومصر.

 

وساطة كويتية:

هذا التصعيد الخليجي ضد قطر، خلق حالة من الاحتقان الشديد تجاه الدوحة ما دفع دولة الكويت إلى إرسال رئيس مجلس الوزراءها للقاء أمير قطر، لمناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بحسب وكالة الأنباء القطرية” قنا”.

ولم تمضي سوى أيام قليلة وزار الشيخ “تميم بن حمد” أمير قطر، الكويت، في لقاء سريع، لم يستغرق ساعات قليلة، مع الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح” أمير الكويت، فعلى الرغم من أن الزيارة تبدو “رمضانية أخوية” إلا أنها لم تكن كذلك، بحسب مصادر مقربة من الديوان الأميري الكويتي.

وتؤكد زيارة أمير قطر إلى الكويت، على استمرار الحراك الكويتي لإنهاء الأزمة السياسية، وعن رغبة قطرية للتهدئة، رغم استمرار الحملة الإعلامية غير المسبوقة على الدوحة، والصمت الرسمي في العواصم الخليجية الثلاث تجاه هذه الحملة الشرسة.

الحراك الكويتي كان متوقعًا، حيث سبق لأمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أن قام بتحرّك مماثل عام 2014، ونجح خلاله في فكفكة الخلاف الخليجي – الخليجي، بعد سحب ثلاث دول خليجية سفراءها من الدوحة، على خلفية التباين في المواقف السياسية، تجاه الأحداث في المنطقة.

وقبل أيام أعرب الأكاديمي الإماراتي ومستشار ولي عهد أبو ظبي “عبد الخالق عبد الله”، والقريب من دوائر صنع القرار في الإمارات، عن أمله في نجاح وساطة أمير الكويت، وكتب في تغريدة على “تويتر”: “الشيخ تميم في الكويت يوم الأربعاء والثقة كبيرة في حكمة أمير الكويت والدبلوماسية الكويتية على تجسير فجوة الخلاف بين الدوحة والعواصم الخليجية”.

التهدئة انسحبت على الدبلوماسية، حيث غرّد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية “أنور قرقاش”: “في محيط إقليمي مضطرب لا بديل عن وحدة الصف الخليجي والسعودية عمود الخيمة فلا استقرار دونها ولا موقع عربي أو دولي إلا معها”.

وعلى افتراض نجاح الوساطة.. هل ستكون هناك تنازلات؟ بمعنى هل ستتنازل قطر لتعود إلى “البيت الخليجي” مرة أخرى؟ وما شكل تلك التنازلات؟ ولماذا يَفترض السؤال أن قطر هي التي ستتنازل؟ ألا تملك أوراق قوة تُمكّنها من أن تجعل المملكة والإمارات هما من يتنازلان؟!.

وبغض النظر عما إذا كانت جهود أمير الكويت ستنجح أم لا، فإن تساؤلات أكثر أهمية تطرح نفسها، منها: هل التصريحات القطرية هي أصل الخلاف أم أنه أقدم منها؟ وإن كان كذلك فما الخلاف إذن؟.

 

أصل الخلاف:

للعودة قليلًا إلى الوراء يتضح أن أصل الخلاف بين قطر والخليج، ليست التصريحات الأخيرة المنسوبة لأمير قطر فحسب، لكن هناك عددًا من النقاط التي تُثير دائمًا أزمة وخلافًا قطريًا خليجيًا، ينجح الطرفان في تجاوزها أحيانًا ويفشلان أخرى.

– الموقف القطري من الأوضاع في مصر هو أبرز نقاط الخلاف بين الخليج وقطر، حيث اتخذتْ قطر موقفًا مناهضًا لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، واعتبرته خروجًا عن المسار الديموقراطي، في حين باركته ودعّمته دول الخليج مجتمعة وفي مقدّمتهم “السعودية والإمارات”.

– أيضًا فإن إيواء قطر لبعض رموز جماعة “الإخوان المسلمين” التي تُصنّفها كل من الإمارات والسعودية على أنها تنظيم إرهابي، هو كذلك محور من محاور الخلاف القطري الخليجي.

– كذلك فإن الانحياز القطري لبعض فصائل المعارضة السورية بخلاف التوجهات الخليجية الحالية، هو أيضًا أحد محطات اشتعال الخلاف بين الخليج وقطر.

– موقف قطر من حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ودعمها للحركة والسماح لقياداتها بالتحرك في الدوحة وتنظيم المؤتمرات فيها، هو كذلك جزءٌ من خلاف قطر والخليج، حيث تتبنَّى بعض دول الخليج وفي مقدمتهم الإمارات تجريم حركة “حماس” واعتبارها حركة وتنظيمًا إرهابيًا.

– الموقف القطري غير المعادي لإيران هو أيضًا محل خلاف بين دول الخليج وقطر، غير أن قطر في هذا الموقف تتشابه إلى حدٍّ كبير مع الكويت، بحسبانها لا تتخذ موقفًا عدائيًا مباشرًا من إيران كالذي تتخذه كل من “الإمارات والسعودية والبحرين”.

– تراجع الموقف القطري الداعم للسعودية في حربها مع اليمن، ورفضها المشروع الإماراتي الذي يسعى إلى تقسيم اليمن، بخلاف موقفها السابق المؤيد والداعم لـ “عاصفة الحزم” كان أيضًا أحد أسباب اشتعال الأزمة بين قطر والسعودية.

– ولعل التحدّي الأساسي الذي تُمثِّله قطر، بالنسبة إلى السعودية والإمارات وكلِّ المنظومة السياسية في المنطقة، هو في انتهاجها سياسيةً خارجيةً مستقلةً عن المحور السعودي وعن المحور الإيراني في الآن نفسِه، واحتضانها شخصياتٍ ورموزًا من كلّ التيارات والاتجاهات الفكرية والسياسية السائدة في العالم العربي؛ من إسلاميين، وقوميين، ويساريين، ولبراليين، حتى أنّ بعضهم يكاد يَحارُ في قدرة قطر على ضَمِّ هذا الكمّ الكبير من التنوّع الذي يعدُّه مَن لم يتعوَّد مثل ذلك في السياسة العربية تناقضًا وارتباكًا في السياسة الخارجية القطرية.

ومع ذلك، تظل التحديات الخارجية، والاضطراب الذي تشهده أقاليم عدة حول العالم وفي القلب منطقة الشرق الأوسط، أحد العوامل التي تدعو إلى ضرورة وحدة الصف الخليجي حتى يتسن مجابهتها.

 

المصدر: صحيفة التقرير