زيارة الصدر للخليج.. تعاون استراتيجي أم تكتيك مرحلي؟

ثلاثاء, 2017-08-15 19:30

أثارت زيارة زعيم التيار الصدري في العراق رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للسعودية والإمارات، ولقاؤه كبار المسؤولين في البلدين العديد من علامات الاستفهام والتكهنات داخل العراق وخارجه بشأن طبيعة الزيارة وتوقيتها والأهداف التي يسعى الطرفان إلى تحقيقها.

الزيارات جاءت في مرحلة سياسية حرجة يمر بها العراق، يسعى من خلالها لوضع خريطة طريق مستقبلية تكفل تصحيح أخطاء العملية السياسية في السنوات الماضية، والتي ساهمت بشكل كبير في تمزيق البلاد، وفقدان الحكومة المركزية السيطرة على أجزاء كبيرة منها.

ووصفت مصادر مقربة من الصدر الزيارتين بأنهما ناجحتان، وقالت إن وجهات النظر كانت متطابقة وإيجابية في العديد من القضايا الخلافية والمهمة، سواء التي تخص المنطقة أو العلاقات بين هذه البلدان. لكن جهات عراقية شيعية متشددة وأخرى إيرانية انتقدت الزيارتين بشدة، ووصفت تحركات الصدر بأنها تهدف لشق الصف الشيعي سواء في العراق أو في المنطقة.

وتتهم العديد من الأطراف الشيعية العراقية المتشددة خاصة القريبة من إيران، بعض دول الخليج وتحديدا السعودية بأنها كانت سببا في إذكاء الخلافات الطائفية والاقتتال الداخلي في العراق في المرحلة التي تلت الغزو الأميركي للعراق. واعتبرت تلك الأطراف في زيارة الصدر للسعودية خيانة لدماء الضحايا، حسب تعبيرهم.

 

خروج من العزلة
الهيئة السياسية للتيار الصدري أعلنت من جانبها في بيان بعد عودة مقتدى الصدر من الإمارات مساء الاثنين أن زيارة الصدر تهدف لإخراج "العراق الجريح من عزلته التي تسبب بها سياسيو الصدفة الذين يتبعون صفير رعاتها ونباح كلابهم".

وأضاف البيان أن هذه الزيارات "كانت مثمرة، وأذكت روح الأخوة وشهامة العروبة، وأظهرت روح التسامح وإنهاء مرحلة خلافات وحروب لا تأتي إلا بالأحقاد والتناحر بين شعوب المنطقة الآمنة".

وقد قال مقتدى الصدر في لقاء أجري معه في السعودية "المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران جيراننا، ويجب أن نتخذ مع الجميع طريق السلام وعدم التدخل بشؤون الغير لتجنيب المنطقة المهاترات السياسية والطائفية".

 

وقال الصحفي العراقي زياد العجيلي إن السعودية والإمارات تسعيان لاستعادة العراق الذي بات الشيعة يهيمنون على مراكز الحكم فيه بعد العام 2003. وتهدف لـ"احتواء ذكي ومخطط له لسحب شيعة العراق العرب من إيران وإعادتهم إلى الساحة العربية التي ابتعدوا عنها لمدة أربعة عشر عاما".

وأضاف العجيلي في حديث للجزيرة نت أن "المؤشرات كلها تدل أن أفضل طريق لهم لتحقيق هذا الهدف هو التواصل مع الصدر الذي يمثل الزعيم الشيعي العراقي الوحيد الذي يمتلك ثقلا، وقوة جماهيرية كبيرة ولا يتماهى مع الطروحات الشيعية الأخرى التي تحاول الاقتراب من إيران على حساب الحضن العربي".

وأوضح العجيلي أن مقتدى الصدر يسعى بالمقابل " للحصول على دعم سياسي خارجي سيكون قوة مضافة له داخليا، لا يمكن تجاهلها من خصومه خاصة وهو يرفع شعار الإصلاح ويصر على الاستمرار به، وهي مواقف تنسجم مع طروحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي لا يتقاطع مع طروحات الصدر".

ونقلت صحيفة كويتية قبل أيام عن مصادر في الحرس الثوري الإيراني وجود حالة انزعاج إيراني كبير من تحرك الصدر. وقالت المصادر -التي لم تسمها- إن "السلطات الإيرانية كانت تحاول قبل زيارة الصدر للسعودية إعادته للدار الإيرانية، لكنها لم تتمكن، والإيرانيون باتوا على قناعة ان الصدر خرج عن الصدر ومن اللازم تحجيمه وعليه فقد آن الأوان لاستبداله".

انفتاح المصلحة
 ويعد مقتدى الصدر الزعيم الشيعي الوحيد الذي دعا لحل قوات الحشد الشعبي الشيعية التي تأسست بعد فتوى أصدرها المرجع الديني علي السيستاني في يونيو/حزيران 2014.

ويؤكد المحلل السياسي العراقي أحمد الأبيض للجزيرة نت أن السعودية تسعى لتحقيق هدفين من وراء استقطاب مقتدى الصدر لجهتها؛ الأول احتواء التمدد الإيراني في العراق والمنطقة بـ"استقطاب المد الشيعي العروبي في العراق الذي يمثله الصدر وإحداث توازن معه ومع المد الشيعي الإيراني".

والهدف الثاني "تأمين حدودها مع العراق التي أصبحت تحت نفوذ الحشد الشعبي الشيعي، ومحاولة لعب ورقة الصدر لتحقيق هذا الهدف... إضافة إلى محاولة تهدئة الأوضاع الداخلية في السعودية التي بدأت خلافاتها الطائفية ترتفع في العديد من مناطقها".

ويرى كثير من المراقبين أن العراق سيكون بحاجة للدعم العربي خاصة الخليجي لمواجهة متطلبات مرحلة إعادة الإعمار للعديد من المدن العراقية التي تسببت الحرب بتدميرها بشكل كبير. ويعول العراق كثيرا على الدعم والاستثمار الخارجي لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة التي يعتقد كثيرون أن تداعياتها الاقتصادية ستكون صعبة كثيرا على العراق.

 

المصدر : الجزيرة