انتقدت تركيا بشدة دولة الإمارات العربية المتحدة على خلفية تغريدة أعاد وزير خارجيتها عبد الله بن زايد نشرها في موقع "تويتر"، تتهم الوالي العثماني على المدينة المنورة فخر الدين باشا بارتكاب جريمة ضد سكان المدينة وسرقة أموالهم ونقلها إلى الشام وإسطنبول مطلع القرن العشرين.
وهاجمت وسائل الإعلام التركية الإمارات واتهمتها بـ "إساءة الأدب والتجني على التاريخ ومحاولة التأليب بين الشعب العربي والتركي".
ووجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات لاذعة لعبد الله بن زايد قائلا "أيها البائس، يا من تفتري علينا، أين كان جدّك عندما كان فخر الدين باشا يحمي المدينة المنورة، عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد هذا الشعب التركي، ولم تعرف أردوغان أيضا، ولم تعرف أجداد أردوغان".
بدوره، رد المتحدث باسم الرئاسة التركية على التغريدة قائلا إن من العار أن يقوم عبد الله بن زايد بإعادة نشر مثل هذه الدعاية الكاذبة التي تهدف لتأليب العرب والأتراك على بعضهم بعضا مرة أخرى.
حساسية
ويقول المحلل السياسي سعيد الحاج "إن الإساءة لامست موضوعا حساسا لدى الأتراك الذين ينظرون لفخر الدين باشا كشخصية يعتزون بها في الموروث العثماني، ويشيدون دوما بدفاعه عن المدينة المنورة في نهاية العهد العثماني".
ويؤكد الحاج أن التوتر بين أنقرة وأبو ظبي "مرتبط بتراكم الأزمات بين البلدين، مشيرا إلى أن حالة الاستقطاب في المنطقة وضعت البلدين على طرفي نقيض خاصة في ملف الربيع العربي".
ويستشهد الحاج بمواقف "اتهمت فيها أنقرة أبو ظبي بالتورط في مساع لزعزعة استقرارها، ومن بينها أحداث غيزي بارك في ميدان تقسيم بإسطنبول في مايو/أيار 2013، وفيما سمي بالانقلاب القضائي في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، وفي المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف العام الماضي".
كما يستشهد بـ"انتقال المناكفة بين تركيا والإمارات إلى قضايا الإقليم ومنها الملف السوري، ودعم الإمارات لرئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود البارزاني وتشجيعه على إجراء استفتاء الانفصال عن العراق نكاية في أنقرة".
ولفت إلى أن التغريدة الإماراتية "تعكس حالة عدم الرغبة أو الارتياح من قبل الإمارات وبدرجة أقل بعض دول الخليجمن الدور التركي الذي يقود حراك العالم الإسلامي في موضوع القدس والتصدي لمحاولات تهويدها".
ويستبعد الحاج مستقبلا جيدا للعلاقات بين الجانبين "لأن أبو ظبي باتت تتجه نحو المزيد من التصعيد وافتعال المشاكل مع تركيا"، مشككا بدور الإمارات "في ظل استمرار معركة القدس ومساعي الدفاع عنها".
تصعيد
من جهته، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى أوزغان أن التوتر بين بلاده والإمارات "سيظل في إطار التراشق الإعلامي"، دون أن يستبعد "لجوء أبو ظبي إلى خطوات اقتصادية تهدف للإضرار بأنقرة".
ويرجع أوزغان السبب المباشر لرد تركيا القوي على تغريدة بن زايد إلى أنها "ضاقت ذرعا بالتحرشات الإماراتية المتكررة الهادفة لإلحاق الضرر بها".
وقال أوزغان "إن الدور العثماني في المدينة المنورة مشرف للأتراك وليس فيه ما يسيء لهم، لكن بن زايد حاول قلب الحقائق للتعريض بالتاريخ العثماني وإن كان موضوع المدينة المنورة لا يعنيه في شيء".
وأوضح أن جزءا من أسباب التوتر "يعود إلى تراكم الخلافات بين أنقرة التي اختارت دعم الربيع العربي، وأبو ظبي التي انقضت عليه لإفشاله، مشبها الدور الإماراتي في المنطقة العربية بدور جمعية الاتحاد والترقي "التي قامت بتصفية الدولة العثمانية".
المصدر : الجزيرة